للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرد به أثر، ولا يعضّده نظر" (١)، وعورض بأنّ الإمام مالكا لم ينفرد به/، بل نقل عن أبي هريرة كما سبق، فقد صار له سلف في ذلك، لكن قال ابن الجزري: "أنّه لا يصحّ شيء من هذه الرّوايات عن من نقل عنه" (٢)، انتهى.

وقيل ممّا ذكره الفخر الرّازي بالاستعاذة قبل القراءة، بمقتضى الخبر، وبعدها بمقتضى القرآن، جمعا بين الدلائل بقدر الإمكان، وهذا لا يصحّ أيضا (٣).

والذي اتّفق عليه الجمهور قديما وحديثا ترك هذا الظّاهر، وتأويله على إضمار الإرادة قال جار الله: "لأنّ الفعل يوجد عند القصد والإرادة بغير فاصل، وعلى حسبه، فكان منه بسبب قوي، وملابسة ظاهرة، كقوله - تعالى -: ﴿إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ وكقوله:" إذا أكلت فسم الله "" (٤).

وقال ابن عطية: " ﴿فَإِذا﴾ وصلة بين الكلامين، والعرب تستعملها في مثل هذا، وتقديرالآية: فإذا أخذت في قراءة القرآن فاستعذ" (٥)، أي قبل القراءة، لأنّه وسيلة، والوسائل مقدمة، ويؤيد هذا: أن المعنى الذي شرعت له الاستعاذة تقتضي أن تكون قبل القراءة، لأنّها طهارة الفم ممّا كان يتعاطاه من اللغو والرّفث، وتطييب له، وتهيؤ لتلاوة كلام الله، فهي التجاء إلى الله، واعتصام بجنابه، من خلل يطرأ عليه، أو خطأ يحصل منه، في القراءة وغيرها.

قال الحافظ عماد الدين بن كثير: "ومعنى أعوذ: أستجير بجناب الله من الشيطان، أن يضرّني في ديني أو دنياي، أو يصدّني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، فإنّ الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلاّ الله - تعالى -، ولهذا أمر الله - تعالى -


(١) أحكام القرآن لابن العربي ٢/ ١٥٩.
(٢) النشر ١/ ٢٩٢.
(٣) مفاتيح الغيب ١/ ٦٧.
(٤) الكشاف ٢/ ٥٩١.
(٥) المحرر الوجيز ٣/ ٤٢٤، والنص فيه [فإذا واصلة … ].

<<  <  ج: ص:  >  >>