للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإظهار هو الأصل لعدم افتقاره لسبب، وهو لغة أهل الحجاز، والإدغام فرعه لافتقاره له، قال أبو عمرو بن العلاء فيما نقله في (النّشر)، وسبقه إليه الجعبري في (الكنز): "الإدغام كلام العرب الذي يجرى على ألسنتها لا يحسنون غيره، وهو في الكتاب العزيز لا يحصى كثرة واتّفاقا واختلافا، من شواهده في كلام العرب قول عدي بن زيد (١):

وتذكّر ربّ الخورنق إذ فكّ … ر يوما وللهدى تفكير

وأنصّ من ذلك قول الكسائي والفرّاء:" سمعنا العرب تقول: "صار لي" بالإدغام " (٢).

وقد اشتهر عن أبي عمرو بن العلاء اختصاصه بالإدغام الكبير من بين القرّاء لأنّ عنده اجتمعت أصوله، وعنه اشتهرت فروعه؛ وإلاّ فقد ورد عن غيره من السّبعة إدغام مواضع منه، بل قد وافقه يعقوب الحضرمي من (مصباح) الشّهرزوري (٣) على كلّ ما أدغمه من المثلين والمتقاربين، لكنّ الجمهور عنه على تخصيص أحرف يأتي التّنبيه عليها إن شاء الله - تعالى -، وكذلك وافقه اليزيدي والحسن والأعمش لكن الثّالث في اليسير، والأوّلين مع الزّيادة عليه كما ستراه إن شاء الله مفصلا.


(١) عدي بن زيد بن الحمار العبادي أحد شعراء الجاهلية، نصراني، من زيد مناة وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، توفي سنة ٣٥ قبل الهجرة، انظر: الوافي بالوفيات ٦/ ٣٥٣، الأعلام ٤/ ٢٢٠، وطبقات فحول الشعراء ١/ ١٣٧.
والبيت من بحر الخفيف، وهو من قصيدة يعظ فيها عدي النعمان بن المنذر لمّا حبسه، والشاهد في:" تذكر رب "بإدغام الراء في الراء، والبيت في النشر ١/ ٢٧٥ بهذا النص، وفي غيره من الكتب:
وتذكر رب الخورنق إذ أش … رف يوما وللهدى تفكير
وهي روايات مختلفة للبيت، وأول القصيدة:
أيها الشّامت المعيّر بالده … ر أأنت المبرّأ الموفور
انظر: البيت في اللسان ١/ ٢١٦، والأغاني ٢/ ١٣٧، تاج العروس ١٠/ ١٢٨، وإبراز المعاني: ٧٧، والنشر ١/ ٢٣٢، وشرح أبيات المغني ٤/ ٤٢.
(٢) كنز المعاني ١/ ٢٢٤، النشر ١/ ٣١٣.
(٣) المصباح ١/ ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>