للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخفاء لا تقلب حقيقته وإن حمل على حقيقة الإخفاء لا يندفع الإشكال، لأنّ الحرف المخفي ساكن لقول الجوهري: "والمانع لم يمنع من حيث الإدغام، بل من حيث التقاء السّاكنين، والأوّل ساكن صحيح وهذا موجود في الإخفاء" (١)، وهذا قد تعقبه النّويري فقال: قوله "ليس بشيء" ليس بشيء، لأنّا نختار من التّرديد القسم الأوّل.

وقوله: "لا قارئ به" ممنوع، كيف وهو طريقة أكثر المتأخرين وليس مرادهم الآخرين، وإنكاره الأوّل يدل على أنّه لم يطلع عليه، ولم يقرأ به، ولهذا لم ينص في (النزهة) إلاّ على الإدغام حيث قال:

وإن صحّ قبل السّاكن ادغامه اغتفر … لعارضه كالوقف أو أن يقدّرا

ومن قال: إخفاء فغير محقق … إذ الحرف مقلوب وتشديده يرى

ومعنى قوله: "أو أن يقدرا" أن التقاء السّاكنين اغتفر في الإدغام إمّا لأنّ السّكون عارض أو أنّ التقاءهما تقديري إذ المدغم غير ملفوظ به تحقيقا، وقد ظهر أنّ قول ابن جني في الإدغام: "وهو سهو من القرّاء، وقصور عن إدراك حقيقته" سهو منه وقصور لعدم حسن لفظه بإدغامه وعجمته/وليت شعري لأي شيء منعوه وجوّزوه في الوقف؟.

فإن قالوا: الوقف عارض، قلنا: الإدغام كذلك وهذا المقام ممّا تزل فيه الأقدام (٢)، انتهى.

وأمّا قول صاحب (النجوم): "والحاصل أنّ في هذا الباب ثلاثة أوجه: الإدغام والإظهار والإخفاء فغير ظاهر، لأنّ الخلف في الإدغام والإظهار إنّما هو من حيث التسمية"، فليتأمل (٣).


(١) الصحاح ٥/ ١٩٣٨.
(٢) كنز المعاني ٢/ ٣٠٧، وما بعدها والنقل بتصرف، نزهة البررة ٨ /أ.
(٣) انظر: النجوم الزاهرة ١/ ٢٥٢ والنص ليس بتمامه في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>