للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساكنة لأنّ الهاء قبلها ساكن فيؤدي إلى الجمع بين السّاكنين في الوصل من غير أن يكون قبلهما حرف لين، وهذا غير موجود في شيء من لغات العرب، وكذا قوله:

﴿إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ و ﴿أَمَّنْ لا يَهِدِّي﴾ و ﴿يَخِصِّمُونَ﴾ (١) وأشباه ذلك، ولا معتبر بقول القرّاء: إنّ هذا ونحوه مدغم، لأنّهم لا يحصّلون هذا الباب، وهو جمع بين السّاكنين في موضع لا يصحّ فيه اختلاس الحركة، فهو مخطئ كقراءة حمزة «فما اسطاعوا» لأنّ سين الاستفعال لا يجوز تحريكها بوجه من الوجوه"، انتهى (٢)، يقال عليه: أنّ قوله: "غير موجود" غير مسلّم، وكيف يكون ذلك؟، وهي مروية عن شيخ النّحويين والقرّاء أبي عمرو بن العلاء ونصّ عليه في غير ما مؤلّف من تآليف الفن.

وأمّا قوله: "ولا معتبر بقول القرّاء"، فهو جرأة عظيمة على القرّاء الذين هم العمدة في نقل كلام الله، وكيف يقال بخطئهم فيما رواه متواترا عن أهل الفصاحة والبلاغة من التابعين والصّحابة عمّن لا ينطق عن الهوى [] (٣)؟، إنّما المخطئ أعجمي ومعتزلي يريان (٤) القراءة بالرّأي.

وقال الجعبري: "وأجاب حذاق القرّاء بأنّه ليس إدغاما، بل إخفاء، فاستحسنه من وقف عليه وادّعى كلّ السبق إليه" (٥).

ثمّ قال: "وهذا ليس بشيء لأنّه لا جائز أن يكون إخفاء الحركة، لأنّ الحرف حينئذ يكون مختلسا ظاهرا لا مدغم ولا مخفي ك ﴿يَأْمُرُكُمْ﴾ ولا قارئ به، ولا جائز أن يكون إخفاء الحرف لأنّه مقلوب متّصل تام التّشديد، وهذه حقيقة المدغم فتسميته


(١) الحجر: ٩، يونس: ٣٥، يس: ٤٩، على الترتيب.
(٢) الصحاح ٥/ ١٩٣٨ مادة: روم.
(٣) سقط من الأصل.
(٤) في غير الأصل: [يريا]، والصواب ما أثبتناه لأن الفعل مرفوع بثبوت النون حيث لم يسبقه ناصب ولا جازم، والمقصود بالأعجمي: أبو الفتح عثمان بن جني، اليوناني (ق)، وبالمعتزلي: جار الله الزمخشري، في تفسيره الكشاف، وانظر في هذا: محاسن التأويل ١/ ٣٠٢ وما بعدها.
(٥) انظر: كنوز المعاني ٢/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>