للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمضان»، وتواتر ذلك عن القرّاء وشاع وذاع ولم ينكر، وإذا حمل المخالف على أنّه غير مقيس وأمكن الجمع بين قولهم وبين القراءة المتواترة فالجمع - ولو بوجه - أولى.

وقال ابن الحاجب في (شرح المفصل): "وإذا كان قبل المدغم ساكن صحيح فاضطرب فيه المحققون من أهل العلم، وذلك أنّ النّحويين مطبقون على أنّه لا يصح الإدغام، والمقرئين مطبقون على أنّه يصحّ الإدغام فيعسر الجمع بين هذين القولين مع تعارضهما، وقد أجاب الشّاطبي في قصيدته (١) عن ذلك بجواب ليس بالبين فقال ما معناه: يحمل كلام النّحويين على الإدغام الصريح، وكلام المقرئين على الإخفاء الذي هو قريب من الإدغام فيزول التناقض فعلى هذا لا يكون النّحويون منكرين الإخفاء، ولا يكون المقرئون منكرين امتناع الإدغام/، وهذا وإن كان جيّدا على ظاهره، إلاّ أنّه لا يثبت أنّ القرّاء امتنعوا من الإدغام بل أدغموا الإدغام الصريح والأولى الرّد على النّحويين في منع الجواز، فليس قولهم بحجة إلاّ عند الإجماع، ومن القرّاء جماعة من النّحويين فلا يكون إجماع النّحويين حجة مع مخالفة القرّاء لهم، ثمّ ولو قدّر أنّ القرّاء ليس فيهم نحوي فإنّهم ناقلون لهذه اللغة، وهم مشاركون النّحويين في نقل اللغة، فلا يكون إجماع النّحويين حجّة دونهم، وإذا ثبت ذلك كان المصير إلى قول القرّاء أولى؛ لأنّهم ناقلوها عمّن ثبتت عصمته من الغلط في مثله، ولأنّ القراءة ثبتت متواترة، وما نقله النّحويون آحاد، ثمّ لو سلّم أنّه ليس بمتواتر فالقراء أعدل وأكثر، فكان الرجوع إليهم أولى" (٢)، انتهى.

وأمّا قول الجوهري في (الصحاح) في فصل الرّاء من باب الميم: "وقوله: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ﴾ فيمن أخفى، إنّما هو بحركة مختلسة، ولا يجوز أن تكون الرّاء الأولى


(١) في قوله في الشاطبية: ١٣:
وإدغام حرف قبله صح ساكن … عسير وبالإدغام طبق مفصلا
(٢) الإيضاح شرح المفصل ٢/ ٤٧٨، والنقل بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>