للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: ذاك لفظا وذا تقديرا، وإلى هذا أشار أبو الفرج الشّنبوذي بقوله: "الإشارة إلى الرفع في المدغم مرئية، والإشارة إلى الخفض منوية في النفس غير مرئية"، ويؤيد هذا استثناؤهم الميم عند مثلها وعند الباء، والباء عند مثلها وعند الميم نحو: ﴿نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا﴾، و ﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ﴾، و ﴿يَعْلَمُ ما﴾، و ﴿بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ﴾ (١)، معلّلين/بأنّ الإشارة تتعذّر في ذلك من أجل انطباق الشّفتين، وتعقبه في (النّشر) بأنّه إنّما يتجه إذا قيل بأنّ المراد بالإشارة الإشمام، إذ تفسر الإشارة بالشفة والباء والميم من حروف الشفة، والإشارة غير النّطق بالحرف فيتعذر فعلهما معا من حيث أنّه وصل، ولا يتعذر ذلك في الوقف لأنّ الإشمام في نحو: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ﴾، فيه ضم الشّفتين بعد سكون الحرف فلا يقعان معا، واختلف في استثناء الفاء في الفاء، فاستثناها أيضا ابن سوار والقلانسي وابن الفحّام وغيرهم، لأنّ مخرجها من مخرج الميم والباء فلا فرق " (٢).

فهذا آخر القول في الإدغام الكبير، والذي تحرّر في عدد ما أدغمه أبو عمرو من المثلين والمتقاربين والمتجانسين كما ذكره العلاّمة ابن الجزري واعتبرته، مع مشاركة بعض الأصحاب على مذهب غير ابن مجاهد إذا وصل السّورة بالسّورة ألف حرف وثلاثمائة حرف وأربعة أحرف لدخول آخر ﴿الْقَدْرِ﴾ بأوّل ﴿لَمْ يَكُنِ﴾ (٣)، وعلى رواية من بسمل إذا وصل آخر السّورة بالسّورة ألف وثلاثمائة وخمسة أحرف لدخول آخر «الرعد» بأوّل «إبراهيم»، وآخر «إبراهيم» بأوّل «الحجر»، وعلى رواية من فصل بالسكت ولم يبسمل: ألف وثلاثمائة وثلاثة أحرف، كذا حقّق وحرّر والله أعلم.

*****


(١) يوسف: ٥٦، المائدة: ٤٠، البقرة: ٧٧، الأنعام: ٥٣ على الترتيب.
(٢) النشر ١/ ٣٤٠، كنز المعاني ٢/ ٣٠٤، المستنير ١/ ٤١٤، الكفاية: ٨٠، التجريد: ١٤١.
(٣) أي آخر سورة القدر بأول سورة البينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>