للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في الواو والياء، فقرأ خلف عن حمزة بإدغام النّون السّاكنة والتّنوين فيهما بغير غنة اتباعا لأصل الإدغام، وافقه المطّوّعي عن الأعمش، وبه قرأ الدّوري عن الكسائي في الياء من طريق أبي عثمّان الضّرير، وروى عنه جعفر بن محمد بالغنّة، وفي (المبهج) الوجهين، وكلاهما صحيح قاله في (النّشر) (١).

وقرأ الباقون بالغنّة فيهما وهو الأفصح.

فإن قلت: وجود الغنّة مع الإدغام في الواو والياء وكذلك اللاّم والرّاء عند القائل به يمنع أن يكون إدغاما، فينبغي أن يكون إخفاء، كما صرّح به السّخاوي حيث قال:

"إنّ حقيقة ذلك إخفاء لا إدغام، وإنّما يقولون: أنّه إدغام مجازا " (٢)، قال:" وهو في الحقيقة إخفاء "، أجاب الجعبري بأنّه:" إدغام لوجود حقيقة الإدغام بالقلب، والقائل بالإخفاء يعترف بوجود التّشديد فيه، ومذهبه خلو المخفي منه " (٣)، والتّحقيق:" أنّ الإدغام مع عدم الغنّة [محض كامل التشديد، ومعها غير محض ناقص التشديد من أجل صوت الغنة] (٤) الموجودة معه، فهو بمنزلة صوت الإطباق الموجود مع الإدغام في ﴿أَحَطْتُ﴾ و ﴿بَسَطْتَ﴾ "، وقد حكى بعضهم إجماع القرّاء على إبقاء الإطباق، واستشكله ابن الحاجب مع الإدغام، لأنّ الإطباق صفة للطبق، لا يتأتى إلاّ به، فلو بقى الإطباق مع إدغام الطّاء لزم اجتلاب طاء أخرى لتدغم في التّاء غير الطّاء التي قام بها وصف الإطباق وفي ذلك جمع بين السّاكنين/فإذا نحو «فرطت» بالإطباق ليس فيه إدغام ولكنّه لمّا اشتدّ التّقارب وأمكن النّطق بالثاني بعد الأوّل من غير نقل (٥) اللسان، أطلق عليه إدغام مجازا.


(١) النشر: ٢/ ٢٩.
(٢) فتح الوصيد ٢/ ٤٠٩.
(٣) كنز المعاني ٢/ ٧٧٧.
(٤) ما بين المعقوفين سقط من (ب، والأصل).
(٥) لأن مخرج الحرفين واحد، مع فارق الإطباق في الطاء، والانفتاح في التاء، فلم ينتقل اللسان إلى مخرج مختلف، الإيضاح لابن الحاجب ٢/ ٥٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>