للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن غلبون طاهر بقصر … جميع الباب قال

ويليه التّوسّط والمدّ أقلها لأنّ (قد) مع المضارع تفيد التّقليل، وقد سبق الشّاطبي لتضعيف المدّ طاهر بن غلبون بل ردّ في تذكرته على من رواه أو أخذ به وغلّطه أصحابه، وهو معنى قوله في (الحرز): "قال وقولا"، لكن تعقبه في (النّشر) ب: "أنّه قد شاع وذاع وتلقّته الأمّة بالقبول فلا وجه لردّه وإن كان غيره أولى منه" (١) انتهى.

وعلّل بعضهم عدم المدّ في هذا بأنّ الألف السّاكنة عوض من همزة ساكنة كانت في الأصل، والمعوض من الشيء يقوم مقامه في حدّه ووزنه إذا كانا ساكنين فلو زدنا في المدّ كنا قد أتينا بعوض الهمزة وزيادة فزدنا في اللفظ ما ليس منه ولا من أصله، قال الدّاني في (الإيجاز): "وهذه علّة صحيحة في نفي إشباع المدّ وزيادة التّمكين من جهة القياس".

ولعلّ قائلا يقول: إنّ هذه العلة إنّما تلزم فيما كانت الألف فيه مبدلة من همزة، فأمّا ما لم تكن فيه مبدله نحو ﴿آمَنَ﴾ و ﴿آنِفاً﴾ و ﴿آتِي الرَّحْمنِ﴾ و ﴿آتَوْهُ﴾ (٢) وشبهه فهي غير لازمة فيه، والعلة إذا لم تجمع الأصل بأسره فهي غير صحيحة؟.

فيقال له: إنّ من مذاهب العرب وأئمة القراءة أن تحكم للأشياء بحكم ما لعله أوجب ذلك الحكم ثمّ يحمل على ذلك ما ضاهاه من جهة لفظه أو معناه أو لمشاركة إيّاه في بعض أسبابه مع ارتفاع تلك العلة الموجبة لذلك الحكم، ومن ذلك قراءة ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ (٣) بإسكان الهاء مع ﴿ثُمَّ﴾ وقراءة ﴿ثُمَّ﴾ ليقطع بإسكان اللاّم حملا على إسكانها مع الواو والفاء، وحكم ذلك مختلف لأن ﴿ثُمَّ﴾ حرف ينفصل،


(١) النشر ١/ ٣٨٤.
(٢) البقرة: ١٣، محمد: ١٦، مريم: ٩٣، يوسف: ٦٦.
(٣) القصص: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>