للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواو والفاء لا ينفصلان، وإنّما جاز ذلك لأن ﴿ثُمَّ﴾ أخت الواو والفاء في العطف، ولأن المنفصل قد يحمل على المتصل ويجري له بحكمه، ولهذا نظائر يطول ذكرها فكذلك ما تقدم ممّا حرف المدّ فيه ليس بمبدل من «همزة» يحمل على ما هو مبدل منها ويسوي بين لفظهما وإن لم يكن فيه من العلة ما في ذلك كما وقع في شبه ذلك فهذا بيّن.

قال (١): ومن الدليل على نفي إشباع المدّ أن إشباعه في كثير من ذلك يؤول إلى استحالة المعنى ويرفع الإشكال بخروج اللفظ بذلك من الخبر إلى الاستخبار، إذ الفرق بينهما في ذلك يقع بإشباع المدّ وترك إشباعه، وذلك نحو: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ﴾ و ﴿وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ﴾ (٢).

ثمّ قال: فإن قيل: أن الفرق بين الخبر والاستخبار إنّما يقع بدخول همزة الاستفهام لا بإشباع المدّ؟.

فالجواب: إن مذهب ورش أن همزة الاستفهام إذا دخلت على همزة القطع أو الوصل أو المخبر عن نفسه أي تحقق همزة الاستفهام، وتبدل الثّانية ألفا خالصة، وهذا قول عامة مشيخة المقرئين من أهل الأداء، وحينئذ فيجب إبدال الهمزة التي بعد همزة الاستفهام في نحو قوله: ﴿آمَنْتُمْ لَهُ﴾ (٣) و ﴿أَآلِهَتُنا خَيْرٌ﴾ (٤) فيجتمع ألفان هي والألف المبدلة من همزة فاء الفعل بعدها، فلزمه حذف تلك الألف للسّاكنين فتبقى ألف الاستفهام وبعدها ألف واحدة فيجب إشباع المد لتلك الألف ليدل ذلك على لفظ الاستفهام وإلاّ صار ذلك خبرا لأن في الخبر والاستخبار همزة واحدة بعدها ألف فثبت أن الفرق بين الخبر والاستخبار يقع بإشباع/المدّ وتركه.


(١) القائل الإمام الداني في جامع البيان ٢/ ٤٩٦.
(٢) الآيات على الترتيب: البقرة: ٢٨٥، البقرة: ١٧٧.
(٣) طه: ٧١، الشعراء: ٧١.
(٤) الزخرف: ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>