للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف القائلون بالمدّ في هذا في قدره فقيل: الإشباع المفرط كمذهبه المحكي عنه في المنفصل وإليه ذهب الهذلي، والجمهور على أنّه الإشباع من غير إفراط، وسوّوا بينه وبين ما تقدم فيه حرف المدّ على الهمز، فقول الجعبري: "المدّ هنا دون المتقدم" معارض بقول الجمهور، والمصير إلى قولهم أولى، نعم قال الدّاني في (الإيجاز): "اختلف أهل الأداء في زيادة التمكين في ذلك بعد إجماع أولي الضبط والفهم منهم على ترك الإفراط تمكينا وسطا من غير إسراف وهو دون تمكين حروف المدّ مع تأخر الهمز وذلك على مقدار مذهبه في تحقيق القراءة وتفكيك الحروف، ولا يوقف على حقيقة ذلك إلاّ بالمشافهة" (١).

ثمّ إنّ هذه الثّلاثة الأوجه المذكورة هنا إنّما هي عند عدم الاندراج في الأعمّ وإلاّ فيسقط اللاّحق إثر السّابق نحو ﴿آمِّينَ الْبَيْتَ﴾ و ﴿وَجاؤُ أَباهُمْ﴾ (٢) وصلا كما نبّه عليه الجعبري.

فإذا قرئ لورش في نحو ﴿رَأى أَيْدِيَهُمْ﴾ (٣) و ﴿وَجاؤُ أَباهُمْ﴾ فيمدّ في الوصل وجها واحدا مشبعا عملا بأقوى السببين وهو المدّ لأجل «الهمزة» بعد حرف المدّ في ﴿أَيْدِيَهُمْ﴾ و ﴿أَباهُمْ﴾ فإن وقف على رءا وجاؤ جازت الثّلاثة الأوجه لسبب تقدّم الهمز على حرف المدّ وذهاب سببية «الهمز» بعد.

وإنّما اشترطوا الاتصال في «الهمز» بخلاف المدّ ليخرج نحو ﴿أَوْلِياءُ أُولئِكَ﴾ (٤) و ﴿جاءَ أَمْرُنا﴾ (٥) و ﴿هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ﴾ (٦)، وقد استثنى القائلون بالمد والتوسط هنا


(١) النشر ١/ ٣٣٩، كنز المعاني ٢/ ٢٥٣، الكامل: ٤٢٦، الحجة لابن خالويه: ٢٥٣.
(٢) المائدة: ٢، يوسف: ١٦.
(٣) في الأصل ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾، والصواب ما في باقي النسخ لأن الكلام على ما في كلمتين، هود: ٧٠.
(٤) الأحقاف: ٣٢.
(٥) هود: ٤٠، ٥٨، ٦٦، ٨٢، ٩٤، المؤمنون: ٢٧.
(٦) البقرة: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>