للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الثّاني: وهو «عين» أوّل «مريم» و «الشّورى» ففيها الثّلاثة الإشباع لالتقاء السّاكنين، واختاره الشّاطبي، وخصّه في (الهداية) بورش من طريق الأزرق، والتوسط نظرا لفتح ما قبل الحرف ورعاية الجمع بين السّاكنين، وإليه ذهب ابنا غلبون وصاحب (العنوان) وهو الوجه الثّاني في (الشّاطبيّة) ك (جامع البيان) وهو قياس من روي عن ورش التوسط في ﴿شَيْءٍ﴾ وبابه وهو الأقيس لغيره، والقصر إجراء لها مجرى الحروف الصحيحة، وإليه ذهب أبو العلاء الهمداني وابن سوار.

وأمّا الثّالث: وهو العارض المشدّد ففيه الأوجه الثّلاثة كما نصّ عليه ابن القصّاع لكن الجمهور فيه على القصر.

وأمّا الرّابع: وهو العارض المخفف ففيه لكلّ القرّاء الثّلاثة الأوجه حملا على حروف المدّ لما ثبت بينهما من المشابهة إلاّ أنّه يمتنع القصر لورش من طريق الأزرق في متطرف الهمز نحو «الشيء» (١) و ﴿(السُّوءِ)(٢) كما سيأتي تحقيقه قريبا إن شاء الله - تعالى -.

فالإشباع: مذهب من يأخذ بالتّحقيق وإشباع التّمطيط من المصريين وأضرابهم.

والتّوسط: اختاره الدّاني، وبه كان يقرئ الشّاطبي كما حكاه ابن القصاع عن الكمال الضّرير عنه، وهو مذهب أكثر المحقّقين.

والقصر: مذهب الحذّاق وحكى أكثرهم الإجماع عليه، وقال الدّاني: "عامة أهل الأداء والنّحويين لا يرون الإشباع فيهما لزوال معظم المدّ منهما وخروجهما من الخفاء إلى حال البيان"، وقد حكى الثّلاثة في (الشّاطبيّة) لكن في كلامه التّسوية بين المشهور وغيره، والتّحقيق في ذلك أنّ الأوجه الثّلاثة لا يجوز هنا إلاّ لمن أشبع حروف المدّ في هذا الباب.


(١) المقصود «شيء» المجرور كما في البقرة: ٢٠، والمرفوع كما في آل عمران: ١٢٨.
(٢) كما في النساء: ١٧، الأعراف: ١٦٥ وغيرها، النشر ١/ ٣٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>