للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثها: أنّها آية تامة من أوّل كلّ سورة سوى «براءة».

واستدلّوا لذلك بإثباتها في المصحف الكريم أوّل كلّ سورة سوى «براءة» دون الأعشار وتراجم السّور والتعوذ، فلو لم تكن قرآنا لما أجازوا ذلك لأنّه يحمل على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا، وروي عن ابن عباس أنّه قال:" من تركها فقد ترك مائة وأربع عشرة آية من كتاب الله "، فسمّاها آية، لكن قوله:" أربع عشرة "لا يتأتى إلاّ مع الإتيان بها أوّل «براءة»، وقد أجمعوا على إسقاطها منه إلاّ ما حكاه الأهوازي (١) فيما نقله عنه العلاّمة شهاب الدين السمين الحلبي أنّ بعضهم أثبتها أوّلها قال:" وهو شاذ غريب "، وقد يتأيّد بما نقل عن ابن عباس إن صحّ، وقد أجاب الخصوم عن هذا الدليل/بأن إتيانها مهم لعلة الفصل بين السّور والإيذان بانقضائها والابتداء بغيرها، وقد ردّ أصحابنا هذا الوجه من أوجه:

منها: أنّه لا يجوز ارتكاب مثل هذا لمجرد الفصل.

ومنها: أنّها لو كانت للفصل لكتبت بين «براءة» و «الأنفال».

ومنها: لو كانت للفصل لم تكتب أوّل «الفاتحة».

ومنها: لو كانت للفصل لاكتفي عنها بتراجم السّور كما اكتفي بذلك بين «براءة» و «الأنفال».

واستدل أصحابنا أيضا بحديث نزول سورة «الكوثر» المروي في مسلم ففيه:

أنّه قرأ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ﴾ (٢)، وجه الدلالة منه أنّه قرأها مع ما سماه سورة، وفي حديث ابن عباس المروي في المستدرك للحاكم وصححه: كان النّبي لا يعرف فصل السّورة حتى تنزل عليه ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ،﴾ وكذا رواه أبو داود، وفي المستدرك أيضا نحوه من حديث عمرو بن دينار


(١) الأهوازي: ٢٥٤.
(٢) سورة الكوثر: ١، مسلم ٢/ ١٢ (٨٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>