للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (١)، لكن في الاستدلال به نظر لا يخفى إذ لا يلزم من مجرد قراءته ذلك أن يكون قرآنا لاحتمال التبرك بذلك كما لا يدلّ إتيانه بقوله:" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "ونحوه بأنّه قرآن، قال الغزالي: ما معناه كما نقله العلاّمة شهاب الدين الحلبي: إنّ هذه الأحاديث متعاضدة مقوية للظن بكونها قرآنا، والظّن كاف في مثله، وخالف القاضي أبو بكر الباقلاّني وشنّع على مذهب الشّافعي وقال:

كيف يثبت القرآن بالظّن، وأنكر عليه الغزالي، وأقام الدليل على الاكتفاء بالظن فيما نحن بصدده ممّا يطول ذكره، وقد نقل في (البسيط) (٢) عن العراقيين خلافا في أنّ المسألة ظنية أو قطعية، وتحرير الخلاف كما نقله الماوردي والبندنيجي (٣) أنّ في المسئلة وجهين (٤):

أحدهما: أنّها قرآن على سبيل القطع.

والثّاني: أنّها قرآن على سبيل الحكم؛ بمعنى أنّها لا تصحّ الصّلاة إلاّ بقراءتها في أوّل «الفاتحة»، ولا يكون قارئا للسّورة بكمالها إلاّ إن ابتدأ بها، وهذا هو الصّحيح، قال بعضهم:" وكيف تكون قطعية وقد أجمع المسلمون على أنّها لا يكفر نافيها من القرآن غير سورة «النمل»، ولو كانت قرآنا قطعيّا لكفر نافيها فعلى هذا يقبل في إثباتها خبر الآحاد كسائر الأحكام، وإذا قلنا أنّها قطعية لا نقبل فيها خبر الآحاد كسائر القرآن: انتهى، وقال غيره: "وكما لا نكفّر نافيها كذلك لا نكفّر مثبتها في القرآن لأنّ الإجماع قائم على أنّ من زاد في القرآن حرفا واحدا كفر"، وما ذكره هذا القائل وهذا الدليل ممنوع، ولعدم التّكفير وجه آخر أظهر من هذا وهو: أنّ قوّة الشبهة منعت


(١) الحاكم ١/ ٢٣١، أبو داود ١/ ٢٠٩ (٧٨٨)، شعب الإيمان ٤/ ٢٠ (٢١٢٥).
(٢) البسيط للغزالي ١/ ١٠٣ /ب.
(٣) الحسن بن عبيد الله بن يحيى البندنيجي - بلدة قريبة من بغداد -، أخذ من الإمام أبي حامد الإسفراييني، له كتاب الذخيرة في الفقه الشافعي، مات سنة ٤٢٥ هـ، تاريخ بغداد ٧/ ٣٤٣، طبقات الشافعية ٤/ ٣٠٥.
(٤) الحاوي الكبير ٢/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>