للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التّكفير من الجانبين لا لكونها غير قطعية، وقال الماوردي: "قال جمهور أصحابنا هي آية حكما لا قطعا، وقال أبو علي بن أبي هريرة (١): هي آية من أوّل كلّ سورة غير «براءة» قطعا" (٢)، قال الشّيخ شهاب الدين الحلبي: "وهذا الذي قاله أبو علي هو الحق، لا أعتقد قرآنية شيء إلاّ أن يكون مقطوعا به، ولا يضرّ الخلاف فيه فإنّ من رواها قرآنا مكمل للقطع، وهو التّواتر مع استواء الطّرفين والوسط، وأمّا النافيين لقرآنيتها فإنّهم لم يصل النّقل عندهم إلي حدّ التّواتر.

وقد أجمع القرّاء العشرة عليها أوّل كلّ سورة ابتدأ بها القارئ إلاّ «براءة» كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ووافقهم ابن محيصن واليزيدي والأعمش (٣).

أمّا على قراءة من فصل بها بين السّورتين الآتي تعريفه - إن شاء الله تعالى - فواضح، وأمّا على قراءة من ألغاها فللتّبرك وموافقة خط المصحف لأنّها عند من ألغاها إنّما كتبت لأوّل السّورة تبركا، وهو فلم يلغها/في حالة الوصل إلاّ لكونه لم يبتدئ، فلمّا ابتدأ لم يكن بدّ من الإتيان بها لئلا يخالف المصحف وصلا ووقفا فيخرج عن الإجماع، فكان ذلك عنده كهمزات الوصل تحذف وصلا وتثبت ابتداء، ولذلك لم يكن بينهم خلاف في إثبات البسملة أوّل «الفاتحة» سواء وصلت ب «النّاس» أو ابتدئ بها لأنّها ولو وصلت لفظا فإنّها مبتدئ بها حكما، قال في (التّيسير):" ولا خلاف في التسمية في أوّل فاتحة الكتاب وفي أوّل كلّ سورة ابتدأ القارئ بها ولم يصلها بما قبلها في مذهب من فصل أو لم يفصل " (٤)، وتعقبه الجعبري فقال:" التّحقيق أنّ المراد بسملة الفصل، ولم يثبتها أحد أوّل «الفاتحة»، وأمّا بسملتها فجزء منها كما تقرّر فلا


(١) الحسن بن الحسين بن أبي هريرة، أبو علي البغدادي، الفقيه الشافعي، تفقه بابن سريج، وعنه الدارقطني، مات سنة ٣٤٥ هـ، السير ١٥/ ٤٣٠، طبقات الشافعية ٣/ ٢٥٦.
(٢) الحاوي الكبير ٢/ ١٠٥.
(٣) النشر ١/ ٢٥٩، ٢٦٣، مفردة ابن محيصن: ٢٠٤، المبهج ١/ ٤٤٥، إيضاح الرموز: ٨٩، مصطلح الإشارات: ١٠٢.
(٤) التيسير: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>