للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَنَازَعُوا فِيهَا إلَّا ارْتَفَعَ النِّزَاعُ بَيْنَهُم بِسَبَبِهِ؛ كَتَنَازُعِهِمْ فِي وَفَاتِهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَدْفِنِهِ، وَفِي مِيرَاثِهِ، وَفِي تَجْهِيزِ جَيْشِ أسَامَةَ، وَقِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن الْمَسَائِلِ الْكِبَارِ.

بَل كَانَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِمْ: يُعَلِّمُهُمْ، وَيُقَوِّمُهُمْ، وَيُبَيِّنُ لَهُم مَا تَزُولُ مَعَهُ الشُّبْهَةُ، فَلَمْ يَكُونُوا مَعَهُ يَخْتَلِفُونَ.

وَبَعْدَهُ: لَمْ يَبْلُغْ عِلْمُ أَحَدٍ وَكَمَالُهُ عِلْمَ أَبِي بَكْرٍ وَكَمَالَهُ، فَصَارُوا يَتَنَازَعُونَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ؛ كَمَا تَنَازَعُوا فِي الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ، وَفِي الْحَرَامِ، وَفِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَفي غَيْرِ ذَلِكَ مِن الْمَسَائِلِ الْمَعْرُوفَةِ، مِمَّا لَمْ يَكُونُوا يَتَنَازَعُونَ فِيهِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ.

وَكَانُوا يُخَالِفُونَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا فِي كَثِيرٍ مِن أَقْوَالِهِمْ، وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُم خَالَفُوا أبَا بَكْرٍ فِي شَيءٍ مِمَّا كَانَ يُفْتِي فِيهِ وَيقْضِي.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ الْعِلْمِ.

وَقَامَ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَقَامَ الْإِسْلَامَ، فَلَمْ يُخِلَّ بِشَيءٍ مِنْهُ، بَل أَدْخَلَ النَّاسَ مِن الْبَابِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، مَعَ كَثْرَةِ الْمُخَالِفِينَ مِن الْمُرْتَدِّينَ وَغَيْرِهِمْ، وَكَثْرَةِ الْخَاذِلِينَ.

فَكَمُلَ بِهِ (١) مِن عِلْمِهِمْ وَدِينِهِمْ مَا لَا يُقَاوِمُهُ فِيهِ أَحَدٌ حَتَّى قَامَ الدِّينُ كَمَا كَانَ. [٤/ ٣٩٨ - ٤٠٦]

١٢١٧ - قَوْلُهُ: "أقضَاكمْ عَلِيٌّ": لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِن أَهْلِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَلَا أَهْلُ الْمَسَانِيدِ الْمَشْهُورَةِ، لَا أَحْمَدُ وَلَا غَيْرُهُ بإِسْنَاد صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ.

وإِنَّمَا يُرْوَى مِن طَرِيقِ مَن هُوَ مَعْرُوفٌ بِالْكَذِبِ.

وَلَكِنْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "أُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا، وَعَلِيٌّ أَقْضَانَا"، وَهَذَا قَالَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ.


(١) أي: بأبي بكر -رضي الله عنه- وأرضاه، وجمعنا به في جنات النعيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>