السَّبَبُ الثَّالِثُ: اعْتِقَادُ ضَعْفِ الْحَدِيثِ بِاجْتِهَادٍ قَد خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَن طَرِيقٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّوَابُ مَعَهُ أَو مَعَ غَيْرِهِ أَو مَعَهُمَا عِنْدَ مَن يَقُولُ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ.
السَّبَبُ الرَّابعُ: اشْتِرَاطُهُ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الْحَافِظِ شُرُوطًا يُخَالِفُهُ فِيهَا غَيْرُهُ؛ مِثْل اشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ عَرْضَ الْحَدِيثِ عَلَى الْكِتَابِ.
السَبَبُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ قَد بَلَغَهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ لَكِنْ نَسِيَه، وَهَذَا يَرِدُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
السَّبَبُ السَّادِسُ: عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ بِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ:
أ- تَارَة لِكَوْنِ اللَّفْظِ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ غَرِيبًا عِنْدَهُ.
ب- وَتَارَةً لِكَوْنِ مَعْنَاهُ فِي لُغَتِهِ وَعُرْفِهِ غَيْرَ مَعْنَاهُ فِي لُغَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ يَحْمِلُة عَلَى مَا يَفْهَمُهُ فِي لُغَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللُّغَةِ.
ج- وَتَارَة لِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا أَو مُجْمَلًا، أَو مُتَرَدِّدًا بَيْنَ حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، فَيَحْمِلُهُ عَلَى الْأَقْرَب عِنْدَهُ، وإِن كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الْآخَرَ كَمَا حَمَلَ جَمَاعَة مِنَ الصَّحَابَةِ فِي أَوَّلِ الأمرِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ عَلَى الْحَبْلِ.
د- وَتَارَةً لِكَوْنِ الدَّلَالَةِ مِنَ النَّصّ خَفِيَّةً.
هـ- وَقَد يَغْلَطُ الرَّجُل فَيَفْهَمُ مِنَ الْكَلَامِ مَا لَا تَحْتَمِلُهُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ الَّتِي بُعِثَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- بِهَا.
السَّبَبُ السَّابعُ: اعْتِقَادُهُ أَنْ لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ: أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَعْرِفْ جِهَةَ الدَّلَالَةِ، وَالثَّانِي عَرَفَ جِهَةَ الدَّلَالَةِ لَكِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهَا لَيْسَتْ دَلَالَةً صَحِيحَةً؛ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ مِنَ الْأُصُولِ مَا يَرُدُّ تِلْكَ الدَّلَالَةَ، سَوَاءٌ كَانَت فِي نَفْسِ الْأمْرِ صَوَابًا أَو خَطأً؛ مِثْل: أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَأَنَّ الْمَفْهُومَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ .. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَّسِعُ الْقَوْلُ فِيهِ.