للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُ مُنْذُ خَرَجَتْ مَمْلَكَةُ التَّتَارِ الَّتِي أَذَلَّتْ أَهْلَ الْإِسْلَام؛ فَإِنَّهُم لَمْ يُهْزَمُوا وَيُغْلَبُوا كَمَا غُلِبُوا عَلَى "بَابِ دِمَشْقَ" فِي الْغَزْور الْكُبْرَى، الَّتِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْنَا فِيهَا مِن النِّعَمِ بِمَا لَا نُحْصِيهِ: خُصُوصًا وَعُمُومًا. [٢٧/ ٥٠٥ - ٥١١]

١٢٦٢ - النُصُوصُ الَّتِي فِي كِتَابِ اللهِ وَسُنَةِ رَسُولِهِ وَأَصْحَابِهِ فِي فَضْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْغَرْبِ عَلَى نَجْدٍ وَالْعِرَاقِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ: أَكْثَرُ مِن أَنْ تُذْكَرَ، بَل عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِن النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَمِّ الْمَشْرِقِ وَأَخْبَارِهِ بِأَنَّ الْفِتْنَة وَرَأسَ الْكُفْرِ مِنْهُ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ.

وَإِنَّمَا كَانَ فَضْلُ الْمَشْرِقِ عَلَيْهِمْ: بِوُجُودِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، وَذَاكَ كَانَ أَمْرًا عَارِضًا؛ وَلهَذَا لَمَّا ذَهَبَ عَلِيٌّ ظَهَرَ مِنْهُم مَن الْفِتَنِ وَالنفَاقِ وَالرِّدَّةِ وَالْبِدَعِ مَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّ أُولَئِكَ كَانُوا أَرْجَحَ.

وَالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَيَّزَ أَهْلَ الشَّامِ بِالْقِيَامِ بِأَمْرِ اللهِ دَائِمًا إلَى آخِرِ الدَّهْرِ، وَبِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْمَنْصُورَةَ فِيهِمْ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ، فَهُوَ إخْبَارٌ عَن أَمْرٍ دَائِمٍ مُسْتَمِرٍّ فِيهِمْ، مَعَ الْكَثْرَةِ وَالْقوَّةِ، وَهَذَا الْوَصْفُ لَيْسَ لِغَيْرِ الشَّامِ مِن أَرْضِ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّ الْحِجَازَ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الْإِيمَانِ نَقَصَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنْهَا الْعِلْمُ، وَالْإِيمَانُ، وَالنَّصْرُ، وَالْجِهَادُ، وَكَذَلِكَ الْيَمَنُ وَالْعِرَاقُ وَالْمَشْرِقُ.

وَأَمَّا الشَّامُ: فَلَمْ يَزَلْ فِيهَا الْعِلْمُ وَالْإِيمَانُ، وَمَن يُقَاتِلُ عَلَيْهِ مَنْصُورًا مُؤَيَّدًا فِي كُلّ وَقْتٍ (١). [٤/ ٤٤٨ - ٤٤٩]

١٢٦٣ - فِي مُسْلِمٍ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يَزَالُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ ظَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُم مَن خَالَفَهُم وَلَا مَن خَذَلَهُم حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ" (٢) قَالَ الْإِمَام أَحْمَد: أَهْلُ الْمَغْرِبِ هُم أَهْلُ الشَّامِ.


(١) وهكذا الحال إلى يومنا هذا، فلا زال أهل الشام في فلسطين وسوريا يُقاتلون أعتى وأقسى وأكفر أهل الأرض، وهم اليهود والرافضة والروسُ والصليبيون، فقد اجتمعوا عن بكرة أبيهم على أهل الشام، فقاتلوهم قتالًا عظيمًا قل في التاريخ نظيرُه، واسْتبسلوا في الدفاع عن أعراضهم ودينهم وأرضهم، ولا زالت الحرب سجالًا، تُعقد هدنة بين الفينة والأخرى، وتستعر الحرب كثيرًا، ونسأل الله تعالى أن ينصرهم نصرًا مُؤزَّرًا.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>