وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ النَّبوِيَّةِ فِي ذَاكَ الزَّمَانِ، كَانُوا يُسَمُّونَ أَهْلَ نَجْدٍ وَالْعِرَاقِ أَهْلَ الْمَشْرِقِ، وُيسَمُّونَ أَهْلَ الشَام أَهْلَ الْمَغْرِبِ؛ لِأنَّ التَّغْرِيبَ وَالتَّشْرِيقَ مِن الْأمُورِ النِّسْبِيَّةِ؛ فَكُلُّ مَكَانٍ لَهُ غَرْث وَشَرقٌ، فَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- تَكَلَّمَ بِذَلِكَ فِي الْمَدِينَةِ النَّبوَيَّةِ، فَمَا تَغَرَّبَ عَنْهَا فَهُوَ غَرْبُه، وَمَا تَشَرَّقَ عَنْهَا فَهُوَ شَرْقُة. [٢٧/ ٤١ - ٤٢]
١٢٦٤ - دَلَّ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَى بَرَكَةِ الشَّامِ فِي خَمْسِ آيَاتٍ:
أ- قَوْلُهُ: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: ١٣٧]، وَاللهُ تَعَالَى إنَّمَا أَوْرَثَ بَنِي إسْرَائِيلَ أَرْضَ الشَّامِ.
ب- وَقَوْلُهُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: ١].
ج- وَقَوْلُهُ: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا} [الأنبياء: ٧١].
د- وَقَوْلُهُ: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأنبياء: ٨١].
هـ- وقَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً} [سبأ: ١٨].
والْبَرَكَةُ: تَتَنَاوَلُ الْبَرَكَةَ فِي الدِّينِ وَالْبَرَكَةَ فِي الدُّنْيَا، وَكِلَاهُمَا مَعْلُومٌ لَا ريبَ فِيهِ.
فَهَذَا مِن حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَالْغَالِبِ، وَأَمَّا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَقَد يَكُونُ مُقَامُهُ فِي غَيْرِ الشَّامِ أَفْضَلَ لَهُ، وَكَثِيرٌ مِن أَهْلِ الشَّامِ لَو خَرَجُوا عَنْهَا إلَى مَكَانٍ يَكُونُونَ فِيهِ أَطْوَعَ للهِ وَلرَسُولِهِ لَكَانَ أَفْضَلَ لَهُم، وَقَد كَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - رضي الله عنهما - يَقُولُ لَهُ: هَلُمَّ إلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ سَلْمَانُ: إنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الرَّجُلَ عَمَلهُ.
وَهُوَ كَمَا قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ؛ فَإِنَّ مَكَّةَ -حَرَسَهَا اللهُ تَعَالَى- أَشْرَفُ الْبِقَاعِ، وَقَد كَانَت فِي غُرْبَةِ الْإِسْلَامِ دَارَ كُفْرٍ وَحَرْبٍ يَحْرُمُ الْمُقَامُ بِهَا. [٢٧/ ٤٤ - ٤٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute