للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَاللَّفْظُ فِيهِ مَعْنَى التَّكَاثُفِ وَالتَّلَاصُقِ؛ وَلهَذَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ: نَجَاسَةٌ مُتَجَسِّدَةٌ وَغَيْرُ مُتَجَسِّدَةٍ، وَهُوَ فِي الْقُرْآنِ يُرَادُ بِهِ الْجَسَدُ الْمُصْمَتُ الْمُتَلَاصِقُ الْمُتَكَاثِفُ، أَو الَّذِي لَا حَيَاةَ فِيهِ، وَقَد ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى لَفْظَةَ الْجَسَدِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ. [٥/ ٢١٨]

١٢٦٩ - مِن الْأصُولِيِّينَ مَن يَقُولُ: إنَّ "إنَّ" لِلْإِثْبَاتِ، وَ"مَا" لِلنَّفْيِ؛ فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا دَلَّتْ عَلَى النَّفْيِ وَالْإثْبَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمَن يَتَكَلَّمُ فِي ذَلِكَ بِعِلْمٍ؛ فَإِنَّ "مَا" هَذِهِ هِيَ الْكَافَّةُ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى إنَّ وَأَخَوَاتِهَا فَتَكُفُّهَا عَن الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعْمَلُ إذَا اخْتَصَّتْ بِالْجُمَلِ الِاسْمِيَّةِ، فَلَمَّا كُفَّتْ بَطَلَ عَمَلُهَا وَاخْتِصَاصُهَا، فَصَارَ يَلِيهَا الْجُمَلُ الْفِعْلِيَّةُ وَالِاسْمِيَّةُ، فَتَغَيَّرَ مَعْنَاهَا وَعَمَلُهَا جَمِيعًا بِانْضِمَامِ "مَا" إلَيْهَا، وَكَذَلِكَ "كَأنَّمَا" وغَيْرُهَا. [٧/ ١٨]

١٢٧٠ - مِن الْأصُولِ الْكُلِّيَّةِ أنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْألْفَاظَ نَوْعَانِ:

نَوْعٌ جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤمِنٍ أَنْ يُقِرَّ بِمُوجَبِ ذَلِكَ، فَيُثْبِتُ مَا أَثْبَتَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَينْفِي مَا نَفَاهُ اللهُ وَرَسُوُلهُ.

فَاللَّفْظُ الَّذِي أَثْبَتَهُ اللهُ أَو نَفَاهُ حَقٌّ؛ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ، وَالْأَلْفَاظُ الشَّرْعِيَّةُ لَهَا حُرْمَة.

وَمِن تَمَامِ الْعِلْمِ أَنْ يَبْحَثَ عَن مُرَادِ رَسُولِهِ بِهَا لِيُثْبتَ مَا أَثْبَتَهُ وَينْفِيَ مَا نَفَاهُ مِن الْمَعَانِي، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُصَدِّقَهُ فِي كلِّ مَا أخبَرَ، وَنُطِيعَهُ فِي كُلِّ مَا أَوْجَبَ وَأَمَرَ، ثُمَّ إذَا عَرَفْنَا تَفْصِيلَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ مِن زَيادَةِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، وَقَد قَالَ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١].

وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى نَفْيِهَا أو إثْبَاتِهَا فَهَذِهِ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُوَافِقَ مَن نَفَاهَا أَو أَثْبَتَهَا حَتَّى يَسْتَفْسِرَ عَن مُرَادِهِ، فَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَعْنًى يُوَافِقُ خَبَرَ الرَّسُولِ أَقَرَّ بِهِ، وَإِن أَرَادَ بِهَا مَعْنًى يُخَالِفُ خَبَرَ الرَّسُولِ أَنْكَرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>