ثُمَّ التَّعْبِيرُ عَن تِلْكَ الْمَعَانِي إنْ كَانَ فِي أَلْفَاظِهِ اشْتِبَاهٌ أَو إجْمَالٌ عَبَّرَ بِغَيْرِهَا، أَو بَيَّنَ مُرَادَهُ بِهَا، بِحَيْثُ يَحْصُلُ تَعْرِيفُ الْحَقِّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِي.
فَإِنَّ كَثِيرًا مِن نِزَاعِ النَّاسِ سَبَبُهُ أَلْفَاظٌ مُجْمَلَة مُبْتَدَعَةٌ وَمَعَانٍ مُشْتَبِهَةٌ، حَتَّى تَجِدَ الرَّجُلَيْنِ يَتَخَاصَمَانِ ويتَعَادَيَانِ عَلَى إطْلَاقِ أَلْفَاظٍ وَنَفْيِهَا، وَلَو سُئِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَن مَعْنَى مَا قَالَهُ لَمْ يَتَصَوَّرْهُ فَضْلًا عَن أَنْ يَعْرِفَ دَلِيلَهُ، وَلَو عَرَفَ دَلِيلَهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنَّ مَن خَالَفَهُ يَكُونُ مُخْطِئًا، بَل يَكُونُ فِي قَوْلِهِ نَوْعٌ مِن الصَّوَابِ، وَقَد يَكُونُ هَذَا مُصِيبًا مَن وَجْهٍ وَهَذَا مُصِيبًا مِن وَجْهٍ، وَقَد يَكُونُ الصَّوَابُ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ. [١٢/ ١١٣ - ١١٤]
١٢٧١ - مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ إذَا عُرِفَ تَفْسِيرُهُ مِن جِهَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى أَقْوَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ. [١٣/ ٢٧]
١٢٧٢ - الْقُرْآن نَزَلَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ الْمَوْجُودَةِ فِي الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهَا تُفَسَّرُ بِلُغَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ فِيهِ إذَا وُجِدَتْ، لَا يُعْدَلُ عَن لُغَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ مَعَ وُجُودِهَا، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى غَيْرِ لُغَتِهِ فِي لَفْظٍ لَمْ يُوجَدْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْقُرْآنِ؛ كَقَوْلِهِ: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} [القصص: ٨٢]، {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (٣)} [ص: ٣]، {وَكَأْسًا دِهَاقًا (٣٤)} [النبأ: ٣٤]، {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١)} [عبس: ٣١]، و {قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢)} [النجم: ٢٢]، وَنَحْو ذَلِكَ مِن الْأَلْفَاظِ الْغَرِيبَةِ فِي الْقُرْآنِ. [١٥/ ٨٨]
١٢٧٣ - قَوْلُهُ تعالى: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: ١٨] هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: قِيلَ: هُوَ حَالٌ مِن (شَهِدَ)؛ أَيْ: شَهِدَ قَائِمًا بِالْقِسْطِ.
وَقِيلَ: مِن (هُوَ)؛ أَيْ: لَا إلَهَ إلَّا هُوَ قَائِمًا بِالْقِسْطِ، كَمَا يُقَالُ: لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَحْدَهُ.
وَكِلَا الْمَعْنيَيْنِ صَحِيحٌ.
وَقَوْلُهُ: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ كِلَا الْعَامِلَيْنِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ فِي أَنَّ الْمَعْمُولَ الْوَاحِدَ يَعْمَلُ فِيهِ عَامِلَانِ، كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ: {هَآؤُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute