١٢٧٦ - أَخْبَارُ الْمُبْتَدَأِ قَد تَجِيءُ بِعَطْف وَبِغَيْرِ عَطْفٍ، وَإِذَا ذُكِرَ بِالْعَطْفِ كَانَ كُلُّ اسْمٍ مُسْتَقِلًّا بِالذِّكْرِ، وَبِلَا عَطْفٍ يَكُونُ الثَّانِي مِن تَمَامِ الْأوَّلِ بِمَعْنَى، وَمَعَ الْعَطْفِ لَا تَكُونُ الصِّفَاتُ إلَّا لِلْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ أَو لِلْمَدْحِ، وَأَمَّا بِلَا عَطْفٍ فَهُوَ فِي النَّكِرَاتِ لِلتَّمْيِيزِ، وَفِي الْمَعَارِفِ قَد يَكُونُ لِلتَّوْضِيحِ. [١٦/ ١٢٨]
١٢٧٧ - قَوْلُهُ: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)} [القلم: ٦] حَارَ فِيهَا كَثِيرٌ، وَالصَّوَابُ الْمَأْثُورُ عَن السَّلَفِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: الشَّيْطَانُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُم أَوْلَى بِالشَّيْطَانِ مِن نَبِيِّ اللهِ.
فَبَيَّنَ الْمُرَادَ، فَإِنَّهُ يَتَكَلَّمُ عَلَى اللَّفْظِ كَعَادَةِ السَّلَفِ فِي الِاخْتِصَارِ مَعَ الْبَلَاغَةِ وَفَهْمِ الْمَعْنَى.
وَاَلَّذِينَ لَمْ يَفْهَمُوا هَذَا قَالُوا الْبَاءُ زَائِدَةٌ قَالَهُ ابْنُ قتَيْبَةَ وَغَيْرُه. [١٦/ ٧٢ - ٧٣]
١٢٧٨ - قال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (٩)} [الأعلى: ٩]، قيل: إنْ قَبِلْت الذِّكْرَى.
وَقِيلَ: ذَكِّرْ إنْ نَفَعَت الذِّكْرَى وإِن لَمْ تَنْفَعْ. قَالَهُ طَائِفَةٌ، أَوَّلُهُم الْفَرَّاءُ، وَاتَّبعَهُ جَمَاعَةٌ.
قَالُوا: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْحَالَ الثَّانِيَةَ كَقَوْلِهِ: سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ، وَأَرَادَ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ.
وَإِنَّمَا قَالُوا هَذَا لِأَنَّهُم قَد عَلِمُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُ جَمِيعِ الْخَلْقِ وَتَذْكِيرُهُم سَوَاءٌ آمَنُوا أَو كَفَرُوا.
وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ لَهُ مَعْنى صَحِيحٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَأَمْثَالِهِ، لَكِنْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِن مُفَسِّرِي السَّلَفِ، وَلهَذَا كَانَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ يُنْكِرُ عَلَى الْفَرَّاءِ وَأَمْثَالِهِ مَا يُنْكِرُهُ وَيقُولُ: كُنْت أَحْسَبُ الْفَرَّاءَ رَجُلًا صَالِحًا حَتَّى رَأَيْت كِتَابَهُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute