للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً، وَقَوْلُهُ: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧)} [النساء: ١٥٧]، يَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ: وَمَا لَهُم إلَّا اتبُاعَ الظَنِّ.

فَهُنَا لَمَّا قَالَ: {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ (٧٨)} يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَعْلَمُونَهُ إلَّا أَمَانِيَّ، فَإِنَّهُم يَعْلَمُونَهُ تِلَاوَةً يَقْرَءُونَهَا وَيَسْمَعُونَهَا، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَعْلَمُونَ إلَّا مَا تَتَمَنَّاهُ قُلُوبُهُمْ، أَو لَا يَعْلَمُونَ إلَّا الْكَذِبَ، فَإِنَّهُم قَد كَانُوا يَعْلَمُونَ مَا هُوَ صِدْقٌ أَيْضًا، فَلَيْسَ كُلُّ مَا عَلِمُوهُ مِن عُلَمَائِهِمْ كَانَ كَذِبًا بِخِلَافِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ مَعْنَى الْكتَابِ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا تِلَاوَةً. [١٧/ ٤٤٠ - ٤٤١]

١٢٨٥ - رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِي عَن عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَظَرَ إلَى الْقَمَرِ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ تَعَوَّذِي بِاللهِ مِن شَرِّهِ فَإِنَّهُ الْغَاسِقُ إذَا وَقَبَ (١).

قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَيُقَالُ الْغَاسِق الْقَمَرُ إذَا كَسَفَ وَاسْوَدَّ، وَمَعْنَى وَقَبَ دَخَلَ فِي الْكُسُوفِ.

وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّ مَا قَالَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَا يُعَارَضُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ، وَهُوَ لَا يَقُولُ إلَّا الْحَقَّ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ عَائِشَةَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ عِنْدَ كُسُوفِهِ بَل مَعَ ظُهُورِهِ. [١٧/ ٥٠٥ - ٥٠٦]

١٢٨٦ - وَأَمَّا قَوْلُ الْفَرَّاءِ: إنَّ الْمُرَادَ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ: الطَّائِفَتَيْنِ مِن الْجِنّ وَالْإِنْسِ، وَأَنَّهُ سَمَّى الْجِنَّ نَاسًا كَمَا سَمَّاهُم رِجَالًا وَسَمَّاهُم نَفَرًا فَهَذَا ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ لَفْظَ النَّاسِ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ وَأَعْرَفُ مِن أَنْ يُحْتَاجَ إلَى تَنْوِيعِهِ إلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ: أَنَّ الْمَعْنَى {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} الَّذِي هُوَ الْجِنَّةُ وَمِن شَرِّ النَّاسِ فِيهِ ضَعْفٌ وَإِن كَانَ أَرْجَحَ مِن الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ شَرَّ الْجِن أَعْظَمُ مِن شرِّ الْإِنْسِ فَكَيْفَ يُطْلِقُ الِاسْتِعَاذَةَ مِن جَمِيعِ النَّاسِ وَلَا يَسْتَعِيذُ إلَّا مِن بَعْضِ


(١) صحَّحه الترمذي (٣٣٦٦)، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>