للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجِنِّ. وَأَيْضًا فَالْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ إنْ لَمْ يَكُن إلَّا مِن الْجِنَّةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ {مِنَ الْجَنَّةِ} وَمِن {النَّاسِ (٨)} فَلِمَاذَا يَخُصُّ الِاسْتِعَاذَةَ مِن وَسْوَاسِ الْجِنَّةِ دُونَ وَسْوَاسِ الناسِ.

ويكْفِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهم يَقْرَءُونَ هَذِهِ السُّورَةَ مِن زَمَنِ نَبِيِّهِمْ وَلَمْ يُنْقَلْ هَذَانِ الْقَوْلَانِ إلَّا عَن بَعْضِ النُّحَاةِ، وَالْأقْوَالُ الْمَأثورَةُ عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَانٍ لَيْسَ فِيهَا شَيءٌ مِن هَذَا. [١٧/ ٥١١ - ٥١٣]

١٢٨٧ - اتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ "إنَّ" الْمَكْسُورَة تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْجُمَلِ، وَالْمَفْتُوحَة فِي مَوْضِعِ الْمُفْرَدَاتِ، فَقَوْلُهُ: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ} [آل عمران: ٣٩]-عَلَى قِرَاءَةِ الْفَتْحِ- فِي تَقْدِيرِ قَوْلِهِ: "فَنَادَتْهُ بِبِشَارَتِهِ" وهُوَ ذِكْرٌ لِمَعْنَى مَا نَادَتْهُ بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّفْظِ.

وَمَن قَرَأَ (إنَّ اللهَ) فَقَد حَكَى لَفْظَهُ. [١٨/ ٣٢]

١٢٨٨ - لَفْظَةُ "إنَّمَا" لِلْحَصْرِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ .. وقد احْتَجَّ طَائِفَةٌ مِن الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّهَا لِلْحَصْرِ بِأَنَّ حَرْفَ "إنْ" لِلْإِثْبَاتِ، وَحَرْفَ "مَا" لِلنَّفْيِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا حَصَلَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَات جَمِيعًا.

وَهَذَا خَطَأٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ فَإِنَّ "مَا" هُنَا هِيَ "مَا" الْكَافَّةُ، لَيْسَتْ مَا النَّافِيَةُ، وَهَذِهِ الْكَافَّةُ تَدْخُلُ عَلَى إنَّ وَأَخَوَاتِهَا فَتَكُفُّهَا عَن الْعَمَلِ، وَذَلِكَ لأنَّ الْحُرُوفَ الْعَامِلَةَ أَصْلُهَا أَنْ تَكُونَ لِلِاخْتِصَاصِ، فَإِذَا اخْتَصَّتْ بِالِاسْمِ أَو بِالْفِعْلِ وَلَمْ تَكُنْ كَالْجُزْءِ مِنْهُ عَمِلَتْ فِيهِ، فَـ "إنَّ" وأَخَوَاتُهَا اخْتَصَّتْ بِالِاسْمِ فَعَمِلَتْ فِيهِ، وَتُسَمَى الْحُرُوفُ الْمُشْبِهَةُ لِلْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهَا عَمِلَتْ نَصْبًا وَرَفْعًا، وَكَثُرَتْ حُرُوفُهَا.

وَحُرُوفُ الْجَرِّ اخْتَصَّتْ بِالِاسْمِ فَعَمِلَتْ فِيهِ.

وَحُرُوفُ الشَّرْطِ اخْتَصَّتْ بِالْفِعْلِ فَعَمِلَتْ فِيهِ.

بِخِلَافِ أَدَوَاتِ الِاسْتِفْهَامِ؛ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَتَيْنِ وَلَمْ تَعْمَلْ، وَكَذَلِكَ مَا الْمَصْدَرِيَّةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>