فِعْلَهُ الْمَشْهُورَ هُوَ الرُّبَاعِي يُقَالُ: أَحَبَّ يُحِبُّ، وَمَصْدَرُهُ الْمَشْهُورُ هُوَ الْحُبُّ دُونَ الْإِحْبَابِ، وَفَى اسْمِ الْفَاعِلِ قَالُوا: مُحِبٌّ وَلَمْ يَقُولُوا: حَابٍّ، وَفِي الْمَفْعُولِ قَالُوا: مَحْبُوبٌ وَلَمْ يَقُولُوا: مُحَبٌّ، إلَّا فِي الْفَاعِلِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: أَحَبَّهُ إحْبَابًا كَمَا يُقَالُ: أَعْلَمَهُ إعْلَامًا.
وَهَذَا أَيْضًا لَهُ أَسْبَابٌ يَعْرِفُهَا النُّحَاةُ وَأَهْلُ التَّصْرِيفِ: إمَّا كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِمَّا نَقْلُ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ، وَإِمَّا غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ أَهْلُ النَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ؛ إذ كَانَت أَقْوَى الْحَرَكَاتِ هِيَ الضَّمَّةَ؛ وَأَخَفُّهَا الْفَتْحَةَ؛ وَالْكَسْرَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا (١)؛ فَجَاءَت اللُّغَةُ عَلَى ذَلِكَ مِن الْأَلْفَاظِ الْمُعْرَبَةِ وَالْمَبْنِيَّةِ:
أ- فَمَا كَانَ مِن الْمُعْرَبَاتِ عُمْدَةٌ فِي الْكَلَامِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ: كَانَ لَه الْمَرْفُوعُ؛ كَالْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ الْقَائِمِ مَقَامَهُ.
ب- وَمَا كَانَ فَضْلَةً: كَانَ لَهُ النَّصْبُ؛ كَالْمَفْعُولِ وَالْحَالِ وَالتَّمْيِيز.
ج- وَمَا كَانَ مُتَوَسّطًا بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِ يُضَافُ إلَيْهِ الْعُمْدَةُ تَارَةً وَالْفَضْلَةُ تَارَةً: كَانَ لَهُ الْجَرُّ وَهُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ فِي الْمَبْنِيَّاتِ؛ مِثْل مَا يَقُولُونَ فِي "أَيْنَ وَكَيْفَ": بُنِيَتْ عَلَى الْفَتْحِ طَلَبُا لِلتَّخْفِيفِ لِأَجْلِ الْيَاءِ.
وَكَذَلِكَ فِي حَرَكَاتِ الْأَلْفَاظِ الْمَبْنِيَّةِ الْأَقْوَى لَهُ الضَّمُّ، وَمَا دُونَهُ لَهُ الْفَتْحُ، فَيَقُولُونَ: كَرِهَ الشَّيءَ، وَالْكرَاهِيَةُ يَقُولُونَ فِيهَا: كَرْهًا بِالْفَتْحِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: ٨٣]؛ وَقَالَ: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: ١١].
وَكَذَلِكَ الْكَسْرُ مَعَ الْفَتْحِ فَيَقُولُونَ فِي الشَّيْءِ الْمَذْبُوحِ وَالْمَنْهُوبِ: ذِبْحٌ ونِهب بِالْكَسْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)} [الصافات: ١٠٧]،
(١) هذا عند النحاة، أما عند أهل الإملاء فأقواها الكسرة ثم الضمة ثم الفتحة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute