ويُقَالُ: إطْلَاقُ لَفْظِ الْأَسَدِ وَالْحِمَارِ الْمُعَرَّفِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَعْرِفُهُ الْمُتَكَلِّمُ أَو الْمُخَاطَبُ، وَإِذَا كَانَ الْمُعَرَّفُ هُوَ الْبَهِيمَةَ انْصَرَفَ إلَيْهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ، وَلَا يَلْزَمُ مِن ذَلِكَ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا يُوجِبُ انْصِرَافَهُ إلَى الْبَلِيدِ وَالشُّجَاعِ، وَلَا يَكُونُ حَقِيقَةً أَيْضًا؛ كَقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: لَاهَا اللّهَ إذًا لَا يَعْمِدُ إلَى أَسَدٍ مِن أُسْدِ اللهِ يُقَاتِلُ عَن اللّهِ وَرَسُولِهِ يُعْطِيَك سَلْبَهُ.
وَكَمَا أُشِيرَ إلَى شَخْصِ وَقِيلَ: هَذَا الْأسَدُ، أَو إلَى بَلِيدٍ وَقِيلَ: هَذَا الْحِمَارُ؛ فَالتَّعْرِيفُ هُنَا عَيَّنَهُ وَقَطَعَ إرَادَةَ غَيْرِهِ، كَمَا أنَّ لَفْظَ الرُّؤُوسِ وَالْبَيْضِ وَالْبُيُوتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الرُّؤُوسِ وَالْبَيْضِ الَّذِي يُؤكَلُ فِي الْعَادَةِ، وَالْبُيُوتِ إلَى مَسَاكِنِ النَّاسِ، ثُمَّ إذَا قِيلَ: بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ وَبَيْضُ النَّمْلِ وَرُؤُوسُ الْجَرَادِ كَانَ أَيْضًا حَقِيقَةً بِاتِّفَاقِ النَّاسِ.
ولَمْ يَنْقلْ أَحَدٌ قَطُّ عَن أَهْلِ الْوَضْعِ أنَّهُم قَالُوا: هَذَا حَقِيقَة وَهَذَا مَجَازٌ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقَعْ مِن أَهْلِ الْوَضْعِ، وَلَا نَقَلَهُ عَنْهُم أَحَدٌ مِمَن نَقَلَ لُغَتَهُمْ، بَل وَلَا ذَكَرَ هَذَا أَحَدٌ عَن الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فَسَّرُوا الْقُرْآنَ وَبَيّنوا مَعَانِيَهُ، وَمَا يَدُلّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، فَلَيْسَ مِنْهُم أَحَدٌ قَالَ: هَذَا اللَّفْظُ حَقِيقَةٌ وَهَذَا مَجَازٌ وَلَا مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ، لَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ، وَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابُهُ، وَلَا زيدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَصْحَابُهُ، وَلَا مَن بَعْدَهُمْ، وَلَا مُجَاهِدٌ وَلَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَلَا عِكْرِمَةُ وَلَا الضَّحَّاكُ وَلَا طاووس وَلَا السدي وَلَا قتادة وَلَا غَيْرُ هَؤُلَاءِ، وَلَا أَحَدٌ مِن أَئِمَّةِ الْفِقْهِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَا الثَّوْرِيُّ وَلَا الأوزاعي وَلَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَلَا غَيْرُهُ.
وَإِنَّمَا وُجِدَ فِي كَلَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَل لَكِنْ بِمَعْنَى آخَرَ، كَمَا أَنَّهُ وُجِدَ فِي كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى بِمَعْنَى آخَرَ.
وَلَمْ يُوجَدْ أَيْضًا تَقْسِيمُ الْكلَامِ إلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ فِي كَلَامِ أَئِمَّةِ النَّحْوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute