للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاللُّغَةِ؛ كَأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ وَأَبِي عَمْرٍ و الشيباني وَأَبِي زيدٍ وَالْأَصْمَعِيِّ وَالْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَالْكِسَائِي وَالْفَرَّاءِ، وَلَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِن هَؤُلَاءِ عَن الْعَرَبِ.

وَهَذَا يَعْلَمُهُ بِالِاضْطِرَارِ مَن طَلَبَ عِلْمَ ذَلِكَ.

ومِن مَفَاسِدِ هَذَا: جَعْلُ عَامَّةِ الْقُرْآنِ مَجَازًا، كَمَا صَنَّفَ بَعْضُهُم مَجَازَاتِ الْقِرَاءَاتِ! وَكَمَا يُكْثِرونَ مِن تَسْمِيَةِ آياتِ الْقُرْآنِ مَجَازًا، وَذَلِكَ يُفْهِمُ ويُوهِمُ الْمَعَانِيَ الْفَاسِدَةَ، هَذَا إذَا كَانَ مَا ذَكَرُوهُ مِن الْمَعَانِي صَحِيحًا، فَكَيْفَ وَأَكْثَرُ هَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ مَا لَيْسَ بِمَجَازٍ مَجَازًا؟ وينْفُونَ مَا أَثْبَتَهُ اللهُ مِن الْمَعَانِي الثَّابِتَةِ ويُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللّهِ وَآيَاتِهِ كَمَا وُجِدَ ذَلِكَ لِلْمُتَوَسِّعِينَ فِي الْمَجَازِ مِن الْمَلَاحِدَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ؟.

وَمَن ظَنَّ أَنَّ الْحَقِيقَةَ فِي مِثْل قَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢]، هُوَ سُؤَالُ الْجُدْرَانِ فَهُوَ جَاهِلٌ.

وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرْيَةِ نَفْسُ النَاسِ الْمُشْتَرِكِينَ السَّاكِنِينَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَلَفْظ الْقَرْيَةِ هُنَا أُرِيدَ بِهِ هَؤُلَاءِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (١٣)} [محمد: ١٣].

وَتَمَامُ هَذَا بِالْكَلَامِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِن الْمَجَازِ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ قَالَ: يُعْتَذَرُ عَن قَوْلِهِ: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: ٥]، وَالْأَنْهَارُ غَيْرُ جَارِيَةٍ.

فَيُقَالُ: النَّهْرُ كَالْقَرْيَةِ وَالْمِيزَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُرَادُ بِهِ الْحَالُّ ويُرَادُ بِهِ الْمَحَلُّ، فَإِذَا قِيلَ: حَفَرَ النَّهْرَ: أُرِيدَ بِهِ الْمَحَلُّ، وَإِذَا قِيلَ: جَرَى النَّهْرُ: أُرِيدَ بِهِ الْحَالُّ.

وَعَن قَوْلِهِ: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: ٤] وَهُوَ غَيْرُ مُشْتَعِلٍ كَاشْتِعَالِ النَارِ.

فَهَذَا مُسَلَّمٌ، لَكِنْ يُقَالُ: لَفْظُ الِاشْتِعَالِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي هَذَا الْمَعْنَى، إنَّمَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْبَيَاضِ الَّذِي سَرَى مِن السَّوَادِ سَرَيَانَ الشُّعْلَةِ مِن النَّارِ، وَهَذَا تَشْبِيهٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>