للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَلْزَمُ الْمَجَازُ.

وَعَلَى الثَّانِي: يَلْزَمُ الِاشْتِرَاكُ.

وَكِلَاهُمَا خِلَافُ الْأَصْلِ، فَوَجَبَ أَنْ يُجْعَلَ مِن الْمُتَوَاطِئَةِ.

وَبِهَذَا يُعْرَفُ عُمُومُ الْأَسْمَاءِ الْعَامَّةِ كُلّهَا.

وَإِلَّا فَلَو قَالَ قَائِلٌ: هُوَ فِي مَيْلِ الْجَمَادِ حَقِيقَةٌ، وَفِي مَيْلِ الْحَيَوَانِ مَجَازٌ: لَمْ يَكُن بَيْنَ الدعويين فَرْق إلَّا كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ فِي مَيْلِ الْحَيَوَانِ، لَكِنْ يُسْتَعْمَلُ مُقَيَّدًا بِمَا يُبَيِّنُ أنَّهُ أرِيدَ بِهِ مَيْلُ الْحَيَوَانِ، وَهُنَا اُسْتُعْمِلَ مُقَيَّدًا بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَيْلُ الْجَمَادِ.

وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ مُسَمَّيَاتِ الْأَسْمَاءِ الْمُتَوَاطِئَةِ: أَمْرٌ كُلِّيٌّ عَامٌّ، لَا يُوجَدُ كُلِّيُّا عَامًّا إلَّا فِي الذِّهْنِ، وَهُوَ مَوْرِدُ التَّقْسِيمِ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ، لَكِنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْعَامَّ الْكُلّيَّ كَانَ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُم إنَّمَا يَحْتَاجُونَ إلَى مَا يُوجَدُ فِي الْخَارجِ، وَإِلَى مَا يُوجَدُ فِي الْقُلُوبِ فِي الْعَادَةِ.

وَمَا لَا يَكُونُ فِي الْخَارجِ إلَّا مُضَافًا إلَى غَيْرِهِ: لَا يُوجَدُ فِي الذِّهْنِ مُجَرَّدًا، بِخِلَافِ لَفْظِ الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ يُوجَدُ فِي الْخَارجِ غَيْرَ مُضَافٍ تَعَوَّدَت الْأذْهَانُ تَصَوُّرَ مُسَمَّى الْإنْسَانِ، وَمُسَمَّى الْفَرَسِ، بِخِلَافِ تَصَوُّرِ مُسَمَّى الْإرَادَةِ، وَمُسَمَّى الْعِلْمِ، وَمُسَمَّى الْقُدْرَةِ، وَمُسَمَّى الْوُجُودِ الْمُطْلَقِ الْعَامِّ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجَدُ لَهُ فِي اللُّغَةِ لَفْظٌ مُطْلَقٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ، بَل لَا يُوجَدُ لَفْظُ الْإِرَادَةِ


= والمتواطئ هو ما اتحد لفظه ومعناه، ولكنه يختلف باختلاف السياق والإضافة.
فالفرق بين المتواطئ والمشترك: أن الأسماء المتواطئة تشترك في اللفظ والمعنى.
أما المشتركة فإنها متفقة اللفظ مختلفة المعنى.
وبالمثال يتضح الفرق الجلي بينهما: كلمة (عين) تطلق على عدة معان مختلفة كما تقدم، وكلمة (وجود) تطلق على وجود الخالق وعلى وجود المخلوق، فمعنى الوجود -بمفهومه العام- واحد، وهو ضد العدم، ولكنه يختلف حسب ما أُضيف إليه.
وشيخ الإسلام رَحِمهُ الله رجح -كما يظهر- أنّ اللَّفْظَ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنيَيْنِ فَصَاعِدًا: أنّه حَقِيقَةٌ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا، وَهِيَ الْأَسْمَاءُ الْمُتَوَاطِئَةُ، وَهِيَ الْأسْمَاءُ الْعَامَّةُ كُلُّهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>