مَضَى بَعْضُ الطُّهْرِ، وَاللهُ أَمَرَ أَنْ يُطَلِّقَ لِاسْتِقْبَالِ الْعِدَّةِ لَا فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ. [٢٠/ ٤٧٨ - ٤٧٩]
١٣١٧ - مِن كَلَامِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُم يَنْفُونَ الشَّيءَ فِي صِيَغِ الْحَصْرِ أَو غَيْرِهَا تَارَةً لِانْتِفَاءِ ذَاتِهِ، وَتَارَةً لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ وَمَقْصُودِهِ، ويحْصُرُونَ الشَّيءَ فِي غَيْرِهِ: تَارَةً لِانْحِصَارِ جَمِيعِ الْجِنْسِ مِنْهُ، وَتَارَةً لِانْحِصَارِ الْمُفِيدِ أَو الْكَامِلِ فِيهِ.
ثُمَّ إنَّهُم تَارَةً يُعِيدُونَ النَّفْيَ إلَى الْمُسَمَّى، وَتَارَةً يُعِيدُونَ النَّفْيَ إلَى الِاسْمِ وَإِن كَانَ ثَابِتًا فِي اللُّغَةِ إذَا كَانَ الْمَقْصُود الْحَقِيقِيُّ بِالِاسْمِ مُنْتَفِيًا عَنْه ثَابِتًا لِغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: ٦٨]، فَنَفَى عَنْهُم مُسَمَّى الشَيءِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ شَامِلٌ لِكُلِّ مَوْجُودٍ مِن حَقٍّ وَبَاطِلٍ؛ لَمَّا كَانَ مَا لَا يُفِيدُ وَلَا مَنْفَعَةَ فِيهِ يَؤُولُ إلَى الْبَاطِلِ الَّذِي هُوَ الْعَدَمُ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْدُومِ، بَل مَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مَقْصودُهُ كَانَ أَوْلَى بِأنْ يَكونَ مَعْدُومًا مِن الْمَعْدُومِ الْمُسْتَمِرِّ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَد يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ.
فَمَن قَالَ الْكَذِبَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا.
وَمَن لَمْ يَعْمَلْ بِمَا يَنْفَعُهُ فَلَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا.
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا سُئِلَ عَن الْكُهَّانِ قَالَ: "لَيْسُوا بِشَيْءِ" (١).
ويقُولُ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَن بَعْضِ الْمُحَدّثِينَ: لَيْسَ بِشَيءِ، أَو عَن بَعْضِ الْأَحَادِيثِ لَيْسَ بِشَيءٍ إذَا لَمْ يَكُن مِمَن يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ؛ لِظُهُورِ كَذِبِهِ عَمْدًا أَو خَطأً.
وَيُقَالُ أَيْضًا لِمَن خَرَجَ عَن مُوجِب الْإِنْسَانِيَّةِ فِي الْأَخْلَاقِ وَنَحْوِهَا: هَذَا لَيْسَ بِآدَمِيّ وَلَا إنْسَانٍ، مَا فِيهِ إنْسَانِيَّةٌ وَلَا مُرُوءَةٌ، هَذَا حِمَارٌ أَو كلْبٌ، كَمَا
(١) رواه البخاري (٦٢١٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute