للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ الَّذِينَ ثَبَتَتْ عِنْدَهُم قِرَاءَاتُ الْعَشَرَةِ أَو الْأَحَدَ عَشَرَ كَثُبُوتِ هَذِهِ السَّبْعَةِ يَجْمَعُونَ ذَلِكَ فِي الْكُتُبِ، وَيَقْرَؤُونَهُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارجَ الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، لَمْ يُنْكرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ.

وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِن الْعُلَمَاءِ قِرَاءَةَ الْعَشَرَةِ، وَلَكنْ مَن لَمْ يَكُن عَالِمًا بِهَا، أَو لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَهُ؛ كَمَن يَكونُ فِي بَلَد مِن بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِالْمَغْرِبِ أَو غَيْرِهِ، وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ بَعْضُ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ، فَإِنَّ الْقِراءَةَ كَمَا قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: سُنَّةٌ يَأخُذُهَا الْآخِرُ عَنِ الْأَوَّلِ، كَمَا أَنَّ مَا ثَبَتَ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن أَنْوَاعِ الِاسْتِفْتَاحَاتِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِن أَنْوَاعِ صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَصِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كُلُّهُ حَسَنٌ يُشْرَعُ الْعَمَلُ بِهِ لِمَن عَلِمَه، وَأَمَّا مَن عَلِمَ نَوْعًا وَلَمْ يَعْلَمْ غَيْرَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ عَمَّا عَلِمَهُ إلَى مَا لَمْ يَعْلَمْهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى مَن عَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْه مِن ذَلِكَ (١)، وَلَا أَنْ يُخَالِفَهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَخْتَلِفُوا فَإنَّ مَن كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا" (٢).

وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الشَاذَّةُ الْخَارِجَةُ عَن رَسْمِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِي .. فَهَذِهِ إذَا ثَبَتَتْ عَن بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَهَل يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ؟


= "نافع بن أبي نعيم" أحد القراء السبعة المشهورين، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة "نافع" بالرضى والقبول.
أدرك شيبة أم المؤمنين عائشة وأم سلمة - رضي الله عنها -.
وقرأ القرآن على عبد الله بن عياش.
وقرأ عبد اللّه بن عياش على أبيّ بن كعب - رضي الله عنه -، وقرأ أبيّ على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومن هذا يتبيّن أن قراءة شيبة صحيحة ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام.
وقال قالون: كان نافع أكثر اتِّباعًا لشيبة منه لأبي جعفر.
توفي سنة ثلاثين ومائة.
يُنظر: معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ، لمحمد سالم محيسن (١/ ٣٠٧).
(١) كمن يُنكر على بعض الأئمة قراءته في الصلاة بقراءة أحد القراء العشرة؛ بحجة عدم التشويش على الناس.
(٢) رواه البخاري (٢٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>