للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِنْدَهُم قِرَاءَتَهُ فِي سَبْع؛ وَلهَذَا جَعَلُوه سَبْعَةَ أَحْزَابٍ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ ثَلَاثَةً وَلَا خَمْسَةً، وَفيهِ أَنَّهُم حزبوه بِالسُّورِ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالتَّوَاتُرِ؛ فَإِنَّهُ قَد عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ مَا جُزِّئَ الْقرْآنُ بِالْحُرُوفِ تَجْزِئَةُ ثَمَانِيَة وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّينَ هَذِهِ الَّتِي تَكُونُ رُؤُوسُ الْأَجْزَاءِ وَالْأَحْزَابِ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ وَأَثْنَاءِ الْقِصَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ وَمَا بَعْدَهُ.

وَهَذَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ هُوَ الْأَحْسَنُ؛ لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ التحزيبات الْمُحْدَثَةَ تَتَضَمَّنُ دَائمًا الْوُقُوفَ عَلَى بَعْضِ الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ بِمَا بَعْدَهُ، حَتَى يَتَضَمَّنَ الْوَقْفَ عَلَى الْمَعْطُوفِ دُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَيَحْصُلَ الْقَارِئ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مُبْتَدِئًا بِمَعْطُوف؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] (١)، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [الأحزاب: ٣١] (٢)، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.

وَيتَضَمَّنُ الْوَقْفَ عَلَى بَعْضِ الْقِصَّةِ دُونَ بَعْضٍ -حَتَّى كَلَامُ الْمُتَخَاطِبَيْنِ- حَتَّى يَحْصُلَ الِابْتِدَاءُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بِكَلَامِ الْمُجِيب؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥)} [الكهف: ٧٥] (٣).

وَمِثْلُ هَذِهِ الْوُقُوفِ لَا يَسُوغُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ إذَا طَالَ الْفَصلُ بَيْنَهُمَا بِاَجْنَبِي؛ وَلهَذَا لَو أُلْحِقَ بالْكَلَامِ عَطْف أَو اسْتِثْنَاءٌ أَو شَرْط وَنَحْوُ ذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ بِأَجْنَبِي لَمْ يَسُغْ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

الثَّالي: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَت عَادَتُهُ الْغَالِبَةُ وَعَادَةُ أَصْحَابِهِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِسُورَةٍ؛ كـ (ق) وَنَحْوِهَا، وَكَمَا كَانَ عمَرُ - رضي الله عنه - يَقْرَأُ "بِيُونُسَ" و"يُوسُفَ" و"النَّحْلِ"، وَلَمَّا قَرَأَ - صلى الله عليه وسلم - بِسُورَةِ الْمُؤمِنِينَ فِي الْفَجْرِ أَدْرَكَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ فِي


(١) هذه الآية بدايةُ الحزب التاسع، مع أنها مرتبطة بما قبلها.
(٢) هذه الآية بدايةُ الحزب الثالث والأربعين، وهي مرتبطةٌ بما قبلها كذلك.
(٣) هذه الآية بدايةُ الحزب الحادي والثلاثين، وهي مرتبطة بما قبلها كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>