للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: ١٦١]، مِن هَذَا الْبَاب، وَالتَّقْدِيرُ: مَن خَتَمَ عَلَى قَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ غِشَاوَةً فَسَوَاءٌ عَلَيْك أَنْذَرْته أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُ هُوَ لَا يُؤْمِنُ، أَيْ: مَا دَامَ كَذَلِكَ.

وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ الْقَوْلَ عَلَى الْكفَّارِ مِن غَيْرِ تَقْيِيدٍ: فَإِنَّهُ لَا يُرِيدُ مَن لَا يُؤْمِنُ مِنْهُمْ، فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ. [١٦/ ٥٨٣ - ٥٩٤]

١٤٢٦ - قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢)} [البقرة: ١١، ١٢]. وَقَوْلُهُم: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} فُسِّرَ بِإِنْكَارِ مَا أَقَرُّوا بِهِ؛ أَيْ: إنَّا إنَّمَا نَفْعَلُ مَا أَمَرَنَا بِهِ الرَّسُولُ.

وَفُسِّرَ بِأَنَّ الَّذِي نَفْعَلُهُ صَلَاحٌ وَنَقْصدُ بِهِ الصَّلَاحَ.

وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ يُرْوَى عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكِلَاهُمَا حَقٌّ، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ هَذَا وَهَذَا.

يَقُولُونَ الْأَوَّلَ: لِمَن لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى بَوَاطِنِهِمْ.

وَيَقُولُونَ الثَّانِيَ: لِأَنْفسِهِمْ وَلمَن اطَّلَعَ عَلَى بَوَاطِنِهِمْ.

لَكِنَ الثَّانِيَ يَتَنَاوَلُ الْأَوَّلَ؛ فَإِنَّ مِن جُمْلَةِ أَفْعَالِهِمْ إسْرَارَ خِلَافِ مَا يُظْهِرُونَ، وَهُم يَرَوْنَ هَذَا صَلَاحًا.

وَلِأَجْلِ الْقَوْلَيْنِ قِيلَ فِي قَوْلِهِ: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢) أَيْ: لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ مَا فَعَلُوهُ فَسَادٌ لَا صَلَاحٌ.

وَقِيلَ: لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ اللهَ يُطْلِعُ نَبِيَّهُ عَلَى فَسَادِهِمْ.

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَتَنَاوَلُ الثَّانِيَ فَهُوَ الْمُرَادُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْآيَةِ. [٧/ ٨٣ - ٨٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>