للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٤٣٠ - لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ آيَة وَاحِدَة تَضَمَّنَتْ مَا تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللّهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحَدِيدِ وَآخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ عِدَّةُ آيَاتٍ لَا آيَةٌ وَاحِدَة. [١٧/ ١٣٠]

١٤٣١ - قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٨٤]، هَذ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَ قَد قَالَ طَائِفٌ مِن السَّلَفِ إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ .. فَالنَّسْخُ فِي لِسَانِ السَّلَفِ أَعَمُّ مِمَّا هُوَ فِي لِسَانِ الْمُتَأَخِّرِينَ، يُرِيدُونَ بِهِ رَفْعَ الدَّلَالَةِ مُطْلَقًا وَإِن كَانَ تَخْصِيصًا لِلْعَامّ أَو تَقْيِيدًا لِلْمُطْلَقِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي عُرْفِهِمْ.

وَالْقَائِلُونَ بِنَسْخِهَا يَجْعَلُونَ النَّاسِخَ لَهَا الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

وحَقِيقَةُ الْأَمْرِ أَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} [البقرة: ٢٨٤]، لَمْ يَدُلّ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِذَلِكَ؛، بَل دَلَّ عَلَى الْمُحَاسَبَةِ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِن كَوْنِهِ يُحَاسَبُ أَنْ يُعَاقَبَ. [١٠/ ٧٦٢ - ٧٦٣]

١٤٣٢ - قَوْلُهُ: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} الْآيَةَ [البقرة: ٨١].

قَالَ مُجَاهِد: هِيَ الذُّنُوبُ تُحِيطُ بِالْقَلْبِ.

وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ صَحِيحٌ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ" (١) … إلَخْ وَالَّذِي يَغْشَى الْقَلْبَ يُسَمَّى: رَيْنًا وطَبْعًا وخَتْمًا وقَفْلًا وَنَحْو ذَلِكَ، فَهَذَا مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ.

وإحَاطَةُ الْخَطيئَةِ إحْدَاقُهَا بِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ، وَهَذَا هُوَ الْبَسْلُ بِمَا كَسَبَتْ نَفْسُهُ (٢)؛ أَيْ: تُحْبَسُ عَمَّا فِيهِ نَجَاتُهَا فِي الدَّارينِ؛ فَإِنَّ الْمَعَاصِيَ قَيْدٌ


(١) رواه مسلم (١٤٤).
(٢) في قوله تعالى: {وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>