وَحَبْسٌ لِصَاحِبِهَا عَن الْجَوَلَانِ فِي فَضَاءِ التَّوْحِيدِ، وَعَن جَنْي ثِمَارِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.
وَمِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ مَن يَقُولُ: إنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ يُعَذَّبُ مُطْلَقًا، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ، وَأَنَّ اللّهَ سُبْحَانَهُ يَزِنُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَعَلَى هَذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَهُوَ مَعْنَى الْوَزْنِ.
لَكِنَّ تَفْسِيرَ السَّيِّئَةِ بِالشِّرْكِ هُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ غَايَرَ بَيْنَ الْمَكْسُوبِ وَالْمُحِيطِ، فَلَو كَانَ وَاحِدًا لَمْ يُغَايِرْ، وَالْمُشْرِكُ لَهُ خَطَايَا غَيْرُ الشِّرْكِ أَحَاطَتْ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتبْ مِنْهَا. [١٤/ ٤٨ - ٤٩]
١٤٣٣ - قَوْلُهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)} [البقرة: ٦٢]، وَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِن الْأَوَّلينَ والآخرين، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَيُعْرَفُ بِهِ مَعْنَاهُ مِن غَيْرِ تَنَاقُضٍ، وَمُنَاسِبَةٍ لِمَا قَبْلهَا وَلمَا بَعْدَهَا، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ السَّلَفِ.
وَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ: أَنَّ الْآيَةَ فِيمَن بُعِثَ إلَيْهِم مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، فَغَلِطُوا ثُمَّ افْتَرَقُوا عَلَى أَقْوَالٍ مُتَنَاقِضَةٍ. [١٤/ ٦٨ - ٦٩]
١٤٣٤ - قَسَّمَ اللّهُ مَن ذَمَّهُ مِن أَهْل الْكِتَابِ إلَى مُحَرِّفِينَ وَأُمِّيِّينَ حَيْث يَقُولُ: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٧) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٧٨) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)} [البقرة: ٧٥ - ٧٩]. وَفِي هَذَا عِبْرَةٌ لِمَن رَكِبَ سَنَنَهُم مِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute