أُمَّتِنَا؛ فَإِنَّ الْمُنْحَرِفِينَ فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالصِّفَاتِ وَنَحْوِهَا مِن الْأَخْبَارِ وَالأَوَامِر:
أ - قَوْمٌ يُحَرِّفُونَهُ إِمَّا لَفْظًا وَإِمَّا مَعْنى، وَهُم النَّافُونَ لِمَا أَثْبَتَهُ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - جُحُودًا وَتَعْطِيلًا، وَيَدَّعُونَ أَنَّ هَذَا مُوجَبُ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ الْقَاضِي عَلَى السَّمْعِ.
ب - وقَوْمٌ لَا يَزِيدُونَ عَلَى تِلَاوَةِ النُّصُوصِ، لَا يَفْقَهُونَ مَعْنَاهَا .. فَهُم {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ}؛ أَيْ: تِلَاوَةً {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}.
ج - ثُمَّ يُصَنِّفُ أَقْوَامٌ عُلُومًا يَقُولُونَ: إنَّهَا دِينِيَّةٌ، وَأَنَّ النُّصُوصَ دَلَّتْ عَلَيْهَا وَالْعَقْلَ وَهِيَ دِينُ اللّهِ؛ مَعَ مُخَالَفَتِهَا لِكِتَابِ اللّهِ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَكْتبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هُوَ مِن عِنْدِ اللّهِ بِوَجْهٍ مِن الْوُجُوهِ.
فَتَدَبَّرْ كَيْفَ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ.
وَقَوْلُهُ فِي صِفَةِ أُولَئِكَ: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} حَالُ مَن يَكْتُمُ النُّصُوصَ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا مُنَازِعُهُ، حَتَّى إنَّ مِنْهُم مَن يَمْنَعُ مِن رِوَايَةِ الْأَحَادِيثِ الْمَأْثُورَةِ عَن الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَو أَمْكَنَهُم كِتْمَانُ الْقُرْآنِ لَكَتَمُوهُ، لَكِنَّهُم يَكْتُمُونَ مِنْهُ وُجُوهَ دَلَالَتِهِ مِن الْعُلُومِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْهُ، وَيُعَوِّضُونَ النَّاسَ عَن ذَلِكَ بِمَا يَكْتبونَهُ بِأَيْدِيهِمْ، وَيُضِيفُونَهُ إلَى أَنَّهُ مِن عِنْدِ اللّهِ. [١٤/ ٧٠ - ٧١]
١٤٣٥ - فِي قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} الْآيَةَ [البقرة:
١٧٨]، قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْقَتْلَى يَكُونُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْن قِتَالَ عَصَبِيَّةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ؛ فَيُقْتَلُ مِن هَؤُلَاءِ وَمِن هَؤلَاءِ، أَحْرَارٌ وَعَبِيدٌ وَنِسَاءٌ، فَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِالْعَدْلِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ، بِأَنْ يُقَاصَّ دِيَةُ حُرٍّ بِدِيَةِ حُرٍّ، وَدِيَةُ امْرَأَةٍ بِدِيَةِ امْرَأَةٍ، وَعَبْدٍ بِعَبْدٍ، فَإِنْ فَضَلَ لِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ شَيْءٌ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ فَلْتَتْبَعِ الْأُخْرَى بِمَعْرُوفِ، وَلْتؤَدِّ الْأُخْرَى إلَيْهَا بِإِحْسَانٍ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقِصَاصَ هُوَ الْقَوَدُ، وَهُوَ أَخْذُ الدِّيَةِ بَدَلَ الْقَتْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute