للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: فِي إعَادَتِهِ بِلَفْظِ الظَاهِرِ بَلَاغَةٌ بَدِيعَةٌ، وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ الْخَبَرِيِّ بِاسْمِ الْقِتَال فِيهِ عُمُومًا، وَلَو أَتَى بِالْمُضْمَرِ فَقَالَ: هُوَ كَبِيرٌ لَتُوِهِّمَ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ الْقِتَالِ الْمَسْؤُولِ عَنْهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ قِتَالٍ وَقَعَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ.

وَقَرِيبٌ مِن هَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠)} [الأعراف: ١٧٥]، وَلَمْ يَقُلْ: {أَجْرَهُمْ} [النحل: ٩٦] تَعْلِيقًا لِهَذَا الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ، وَهُوَ كَوْنُهُم مُصْلِحِينَ، وَلَيْسَ فِي الضَّمِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ -وَهُوَ أَلْطَفُ مَعْنَى- قَوْله تَعَالَى: [البقرة: ٢٢٢]، وَلَمْ يَقُلْ: {فِيهِ} [البقرة: ٢٤٨] تَعْلِيقًا بِحُكْمِ الاِعْتِزَالِ بِنَفْسِ الْحَيْضِ، وَأَنَّهُ هُوَ سَبَبُ الاِعْتِزَالِ (١). [١٤/ ٨٨ - ٩٠]

١٤٣٧ - قال تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥)} [البقرة: ٢٦٥].

قَوْلُهُ: {مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: ١٦٤]؛ أَيْ: لَيْسَ الْمُقَوِّي لَهُ (٢) مِن خَارجٍ؛ كَالَّذِي يَثْبُتُ وَقْتَ الْحَرْبِ لِإِمْسَاكِ أَصْحَابِهِ لَهُ، وَهَذَا كقَوْلِهِ: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧)} [الشورى: ٣٧] بَل تَثَبُّتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ مِن جِهَةِ نَفْسِهِ (٣). [١٤/ ٩٥]

١٤٣٨ - فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)} [البقرة: ٢٨٤]،


(١) فمتى وُجد الحيض وجب اعتزال النساء في الجماع، وحرم عليهن الصلاة والصيام، ولم يُقيد ذلك بزمن، ومتى فُقد الحيض جاز الجماع، ووجبت الصلاة والصوم.
والحيض يُخرج الاستحاضة والدم الفاسد، فهذا الدم لا اعتبار له.
(٢) على الإنفاق والصدقة والبذل والكرم.
(٣) أي: من إيمانه وقناعته وحبه للبذل وتفريج الكرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>