للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْكُمْ كُلُّكُمْ، فَإِنَّكُمْ جَمِيعًا قَتَلْتُمُوهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ إنَّمَا تَمَكَّنَ بِمُعَاوَنَةِ الرَّدْءِ لَهُ.

وَلَيْسَ فِي الْعَبْدِ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ صَحِيحَة كَمَا فِي الذِّمِّي؛ بَل مَا رُوِيَ "من قتل عبده قتلناه به" (١) وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا قَتَلَهُ ظَالِمًا كَانَ الْإِمَامُ وَليَّ دَمِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَمَا لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ إذَا كَانَ حُرًّا، فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ وَليَّ دَمِهِ إذَا كَانَ عَبْدًا؛ بَل هَذَا أوْلَى، كَيْفَ يَكُونُ وَليَّ دَمِهِ وَهُوَ الْقَاتِلُ؟ بَل لَا يَكُونُ وَليَّ دَمِهِ؛ بَل وَرَثَةُ الْقَاتِلِ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّهُم وَرَثَتُهُ وَهُوَ بِالْحَيَاةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ وِلَايَة حَتَّى تَنْتَقِلَ إلَيْهِمْ، فَيَكُونُ وَليَّهُ الْإِمَامُ، وَحِينَئِذٍ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ، فَكُلُّ مَن قَتَلَ عَبْدَهُ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ. [١٤/ ٧٣ - ٨٧]

١٤٣٦ - قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] مِن بَابِ بَدَلِ الاِشْتِمَالِ (٢) وَالسُّؤَالُ إنَّمَا وَقَعَ عَن الْقِتَالِ فِيهِ، فَلِمَ قُدِّمَ الشَّهْرُ وَقَد قُلْتُمْ: إنَّهُم يُقَدّمُونَ مَا بَيَانُهُ أَهَمُّ وَهُم بِهِ أَعْنَى؟

قِيلَ: السُّؤَالُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُم إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ، وَتَشْنِيعِ أَعْدَائِهِمْ عَلَيْهِم انْتِهَاكَهُ وَانْتِهَاكَ حُرْمَتِهِ، وَكَانَ اهْتِمَامُهُم بِالشَّهْرِ فَوْقَ اهْتِمَامِهِمْ بِالْقِتَالِ؛ فَالسُّؤَالُ إنَّمَا وَقَعَ مِن أَجْلِ حُرْمَةِ الشَهْرِ؛ فَلِذَلِكَ قُدّمَ فِي الذِّكْرِ، وَكَانَ تَقْدِيمُهُ مُطَابِقًا لِمَا ذَكَرْنَا مِن الْقَاعِدَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَائِدَةُ فِي إعَادَةِ ذِكْرِ الْقِتَالِ بِلَفْظِ الظَّاهِرِ وَهَلَّا اكْتَفَى بِضَمِيرِهِ فَقَالَ: هُوَ كَبِيرٌ؟


(١) رواه الترمذي (١٤١٤)، وأبو داود (٤٥١٥)، وضعَّفه الألباني.
(٢) بدل اشتمال: هو أَن يكون المبدل منه مشتملًا على البدل، مثل أعجبني أخوك فهمُه.
وللتوضيح: إذا قلت: أعجبني الكتاب، جاز للسامع أن ينسب الإعجاب إلى محتواه أو شكله، أو لونه أو جودة طباعته؛ لأن الإعجاب يحتمل هذه المعاني مفردة ومجتمعة، وبشتمل عليها ضمنًا.
فإذا قلت: أعجبني الكتاب علمُه: تعين معنى واحد من تلك المعاني التي يتضمنها العامل (أعجب).

<<  <  ج: ص:  >  >>