للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك قال لأبي دجانة يوم أحد لما اختال بين الصفين فقال: "إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن"، ولهذا جوَّزنا في أحد القولين ما رويناه عن عمر من لبس الحرير في الحرب؛ لأن الخيلاء التي فيه محبوبة في الحرب كما دل عليه الحديثان؛ وذلك -والله أعلم- لأن الاختيال من التخيل، والتخيل من باب التصور الذي قد يكون تصورًا للموجود، وقد يكون تصورًا للمفقود، فإن كان مطابقًا للموجود ومحمودًا في القصد فهو تخيل حق نافع، وإن كان مخالفًا للموجود مذمومًا في القصد فهو الباطل الضار. [المستدرك ١/ ١٧٨]

١٤٦١ - قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ -وَهُوَ يُرْوى عَن الضَّحَّاكِ-: لَا تَقْرَبُوهَا وَأَنْتُمْ سُكَارَى مِن النَّوْمِ.

وَهَذَا إذَا قِيلَ إنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ أَو شُمُولِ مَعْنَى اللَّفْظِ الْعَامِّ، وَإِلَّا فَلَا ريبَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ كَانَ السُّكْرَ مِن الْخَمْرِ، وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ صَحِيحٌ أَيْضًا. [١٠/ ٤٣٨]

١٤٦٢ - قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦)} [النساء: ٢٦]، ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أمُورٍ: التَّبْيِينَ وَالْهُدَى وَالتَّوْبَةَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ أَوَّلًا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَمَا أُمِرَ بِهِ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ.

ثمَّ يَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُهْدَى فَيَقْصِدُ الْحَقَّ ويعْمَلُ بِهِ دُونَ الْبَاطِلِ، وَهُوَ سُنَنُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ.

ثُمَّ لَا بُدَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِن الذُّنُوبِ فَيُرِيدُ أَنْ يَتَطَهَّرَ مِنْهَا بِالتَّوْبَةِ.

فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَإِلَى التَّوْبَةِ مَعَ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِن التَّقْصِيرِ أَو الْغَفْلَةِ فِي سُلُوكِ تِلْكَ السُّنَنِ الَّتِي هَدَاهُ اللهُ إلَيْهَا فَيَتُوبُ مِنْهَا بِمَا وَقَعَ مِن تَفْرِيطٍ فِي كُلِّ سُنَّةٍ مِن تِلْكَ السُّنَنِ. [١٠/ ٥٧٩ - ٥٨٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>