للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٤٦٣ - قَوْلُهُ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩] بَعْدَ قَوْلِهِ: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: ٧٨]: لَو اقْتَصَرَ عَلَى الْجَمْعِ (١): أَعْرَضَ الْعَاصِي عَن ذَمِّ نَفْسِهِ، وَالتَّوْبَةِ مِن الذَّنْبِ، وَالِاسْتِعَاذَةِ مِن شَرِّهِ، وَقَامَ بِقَلْبِهِ حُجَّةُ إبْلِيسَ، فَلَمْ تَزِدْهُ إلَّا طَرْدًا، كَمَا زَادَت الْمُشْرِكِينَ ضَلَالًا حِينَ قَالُوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: ١٤٨].

وَلَو اقْتَصَرَ عَلَى الْفَرْقِ: لَغَابُوا عَن التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ وَاللَّجَأِ إلَى اللهِ فِي الْهِدَايَةِ. [١٤/ ٢٢٢]

واَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ الْحَسَنَةَ والسَّيِّئَةَ يُرَادُ بِهِمَا النِّعَمَ وَالْمَصَائِبَ، لَيْسَ الْمُرَادُ: مُجَرَّدَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ بِاخْتِيَارِهِ بِاعْتِبَارِهِ مِن الْحَسَنَاتِ أَو السَّيِّئّاَتِ.

وَلَفْظُ الْحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ فِي كِتَابِ اللهِ: يُتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى عَن الْمُنَافِقِينَ: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} [آل عمران: ١٢٠].

وَامَّا الْأعْمَالُ الْمَأمُورُ بِهَا وَالْمَنْهِي عَنْهَا: فَفِي مِثْل قَوْله تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤)} [القصص: ٨٤]، وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: ١١٤].

وَإِذَا كَانَت السَّيِّئَاتُ الَّتِي يَعْمَلُهَا الْإِنْسَانُ قَد تَكُونُ مِن جَزَاءِ سَيِّئَاتٍ تَقَدَّمَتْ (٢) -وَهِيَ مُضِرَّةٌ- جَازَ أنْ يُقَالَ: هِيَ مِمَّا أَصَابَهُ مِن السَّيِّئَاتِ وَهِيَ بِذُنُوبِ تَقَدَّمَتْ. وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ: فَالذُّنُوبُ الَّتِي يَعْمَلُهَا؛ هِيَ مِن نَفْسِهِ. وَإِن كَانَت مُقَدَّرَةً عَلَيْهِ.


(١) أي: في قوله تعالى: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ الله}.
(٢) قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>