للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٤٦٦ - وَهُوَ سُبْحَانَه ذَكَرَ فِي سُورَةِ النسَاءِ مَا يُخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ مِنَ الْعُقُوبَةِ بِالْإِمْسَاكِ فِي الْبُيُوتِ إلَى الْمَمَاتِ أَو إلَى جَعْلِ السَّبِيلِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَعُمُّ الصِّنْفَيْنِ فَقَالَ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: ١٦] فَإِنَّ الْأَذَى يَتَنَاوَلُ الصِّنْفَيْنِ، وَأَمَّا الْإمْسَاكُ فَيُخْتَصُّ بِالنسَاءِ، فَالنّسَاءُ يُؤْذَيْنَ، وُيحْبَسْنَ بِخِلَافِ الرِّجَالِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ فِيهِمْ بِالْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ أَنْ تُصَانَ وَتحْفَظَ بِمَا لَا يَجِبُ مِثْلُهُ فِي الرَّجُلِ. [١٥/ ٢٩٧]

١٤٦٧ - قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: ١٦]، أَمْرٌ بِالْأذَى مُطْلَقًا، وَلَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّتَهُ وَصِفَتَهُ وَلَا قَدْرَهُ، بَل ذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ إيذَاؤهُمَا، وَلَفْظُ "الْأَذَى" يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَقْوَالِ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} [آل عمران: ١١١].

وَقَالَ: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} وَالْإِعْرَاضُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَن الْإِيذَاءِ.

فَالْمُذْنِبُ لَا يَزَالُ يُؤْذَى وَيُنْهَى ويُوعَظُ ويوَبَّخُ وَيُغَلَّظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ إلَى أَنْ يَتُوبَ ويُطِيعَ اللهَ، وَأَدْنَى ذَلِكَ هَجْرُهُ فَلَا يُكَلَّمُ بِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ.

فَمَن أَتَى الْفَاحِشَةَ مِن الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إيذَاؤُهُ بِالْكَلَامِ الزَّاجِرِ لَهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ إلَى أنْ يَتُوبَ.

وَقَوْلُهُ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} فَأَمَرَ بِإِيذَائِهِمَا وَلَمْ يُعَلِّقْ ذَلِكَ عَلَى اسْتِشْهَادِ أَرْبَعَةٍ، كَمَا عَلَّقَ ذَلِكَ فِي حَقّ النِّسَاءِ وَإِمْسَاكِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ هُنَا كَمَا أَمَرَ بِهِ هُنَاكَ، وَلَيْسَ هَذَا مِن بَابِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ وَاحِدًا.

وَذَكَرَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ: جَلْدُ ثَمَانِينَ، وَتَرْكُ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ أَبَدًا، وَإِنَّهُم فَاسِقُونَ {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)} [النور: ٥]، وَأَنَّ التَوْبَةَ لَا تَرْفَعُ الْجَلْدَ إذَا طَلَبَهُ الْمَقْذُوفُ، وَتَرْفَعُ الْفِسْقَ بِلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>