{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: ٢] فَقَد أَمَرَنَا اللهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْ نَحْمِلَ الشَّهَادَةَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهَا لِأَهْلِ الْعَدْلِ وَالرضى وَهَؤُلَاءِ هُم الْمُمْتَثِلُونَ مَا أَمَرَهُم اللهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: ١٣٥] الْآيَةُ. وَفِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: ١٥٢]، وَقَوْلِهِ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣]، وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢]، وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (٣٣)} [المعارج: ٣٣]، فَهُم يَقُومُونَ بِالشَّهَادَةِ بِالْقِسْطِ للهِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الَّذِي اسْتَشْهَدَهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ كَوْنَ شَهَادَتِهِمْ مَقْبُولَةً مَسْمُوعَة لِأَنَّهُم أَهْلُ الْعَدْلِ وَالزضَا، فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ فِي الْقَبُولِ وَالْأَدَاءِ، وَقَد نَهَى سُبْحَانَهُ عَن قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ بِقَوْلِهِ: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجراتْ ٦] .. وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالتَّثَبُّتِ عِنْدَ خَبَرِ الْفَاسِقِ الْوَاحِدِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ عِنْدَ خَبَرِ الْفَاسِقِينَ، فَإِنَّ خَبَرَ الِاثْنَيْنِ يُوجِئما مِنَ الِاعْتِقَادِ مَا لَا يُوجِبُهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ.
وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَذَفَةِ لَا تُقْبَلُ لَهُم شَهَادَةٌ أَبَدًا وَاحِدًا كَانوا أَو عَدَدًا.
وَدَلَّت الآيةُ عَلَى أَنَّ شَهَادَتَهُم بَعْدَ التَّوْبَةِ مَقْبُولَةٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجمْهُورِ. [١٥/ ٣٠٠ - ٣٥٤]
١٤٦٨ - قَوْلُهُ تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ:
أ- عَلَى أَنَّ نِصَابَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْفَاحِشَةِ أَرْبَعَةٌ.
ب- وَعَلَى أَنَّ الشُّهَدَاءَ بِهَا عَلَى نِسَائِنَا يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا مِنَّا، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute