للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ بَعْضِهم عَلَى بَعْضٍ، وَفِيهِ قَوْلَانِ عِنْدَ أَحْمَدَ: أَشْهَرُهُمَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهَا تُقْبَلُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. [١٥/ ٢٩٧]

١٤٦٩ - قَالَ تَعَالَى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨]؛ أَيْ: ضَعِيفًا عَن النِّسَاءِ لَا يَصْبِرُ عَنْهُنَّ (١). [١٥/ ٤٠٠]

١٤٧٠ - قَالَ تَعَالَى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (١٦٦)} [النساء: ١٦٦] .. قَوْلُهُ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}، قَالَ الزَّجَّاجُ: أَنْزَلَهُ وَفِيهِ عِلْمُهُ .. وَهَذَا الْمَعْنَى مَأْثُورٌ عَن السَّلَفِ كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: أَقْرَأَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرْآنَ، وَكَانَ إذَا أَقْرَأَ أَحَدَنَا الْقُرْآنَ قَالَ: قَد أَخَذْت عِلْمَ اللهِ فَلَيْسَ أَحَدٌ الْيَوْمَ أَفْضَلَ مِنْك إلَّا بِعَمَلِ ثمَّ يَقْرَأُ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}.

قُلْت: الْبَاءُ قَد يَكُونُ لِلْمُصَاحَبَةِ، كَمَا تَقُولُ: جَاءَ بِأَسْيَاد وَأَوْلَادِهِ، فَقَد أَنْزَلَهُ مُتَضَمِّنًا لِعِلْمِهِ مُسْتَصْحِبًا لِعِلْمِهِ، فَمَا فِيهِ مِنَ الْخَبَرِ هُوَ خَبَرٌ بِعِلْمِ اللهِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَمْرِ فَهُوَ أَمْرٌ بِعِلْمِ اللهِ، بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْمُنَزَّلِ مِن عِنْدِ غَيْرِ اللهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَد يَكُونُ كَذِبًا وَظُلْمًا كَقُرْآنِ مُسَيْلِمَةَ، وَقَد يَكُونُ صِدْقًا لَكِنْ إنَّمَا فِيهِ عِلْمُ الْمَخْلُوقِ الَّذِي قَالَهُ فَقَطْ، لَمْ يَدُلَّ عَلَى عِلْمِ الله تَعَالَى إلَّا مِن جِهَةِ اللُّزومِ، وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ يَعْلَمُهُ اللهُ. [١٦/ ٤٦٤ - ٤٦٥]


(١) وقد جاء قبل هذه الآية: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥].
قال الطبري رحمه الله: يقول: يسَّر ذلك عليكم إذا كنتم غيرَ مستطيعي الطوْل للحرائر؛ لأنكم خُلِقتم ضعفاء عجزةً عن ترك جماع النساء، قليلي الصبر عنه، فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات عند خوفكم العَنَت على أنفسكم، ولم تجدُوا طولًا لحرة، لئلا تزنوا، لقلة صبركم على ترك جماع النساء. اهـ. تفسير الطبري (٨/ ٢١٥).
ونقل هذا التفسير عن السلف، ولم يذكر قولًا غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>