اصْطِلَاحِ طَائِفَةٍ مِن أَهْلِ الْكَلَامِ فِي الْعِلْمِ، ويُسَمُّونَ الِاعْتِقَادَ الْمَرْجُوحَ وَهْمًا، بَل قَد قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَنَّ كذَبُ الْحَدِيثِ" (١)، وَقَد قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: ٢٨].
فَالِاعْتِقَادُ الْمَرْجُوحُ هُوَ ظَنٌّ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَهَذَا الْبَابُ قَد يَكُونُ مِن حَدِيثِ النَّفْسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ.
وَقَد يَكونُ مِن بَابِ الْوَسْوَسَةِ الَتِي هِيَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ.
وَأَمَّا الرُّسُلُ فَلَمْ يَذْكُرْ مَا اسْتَيْأسُوا مِنْهُ، بَل أَطْلَقَ وَصْفَهُم بِالِاسْتِيئَاسِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُقَيِّدَة بِأَنَّهُم اسْتَيْأسُوا مِمَّا وُعِدُوا بِهِ، وَاخْبِرُوا بِكَوْنِهِ، وَلَا ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ.
وَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} لَا يَدُلُّ عَلَى ظَاهِرِهِ فَضْلًا عَن بَاطِنِهِ: أَنَّهُ حَصَلَ فِي قُلُوبِهِم مِثْلُ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ فِيمَا أُخْبِرُوا بِهِ، فَإِنَّ لَفْظَ الظَّنِّ فِي اللُّغَةِ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ؛ بَل يُسَمَّى ظَنُّا مَا هُوَ مِن أَكْذَبِ الْحَدِيثِ عَنِ الظَّانِّ؛ لِكَوْنِهِ أَمْرًا مَرْجُوحًا فِي نَفْسِهِ. [١٥/ ١٧٥ - ١٨٣]
١٥١١ - قَالَ تَعَالَى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: ٣]، وَأَحْسَنُ الْقَصَصِ: قِيلَ: إَّنهُ مَصْدَرٌ، وَقِيلَ: إنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ.
وَالْقَوْلَانِ مُتَلَازِمَانِ فِي الْمَعْنَى.
وَمَن رَجَّحَ الْأَوَّلَ مِن النُّحَاةِ -كَالزَّجَّاجِ وَغَيْرِهِ- قَالُوا: الْقَصَصُ مَصْدَرٌ، يُقَالُ: قَصَّ أَثَرَة يَقُصُّهُ قَصَصًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: ٦٤]، وَكَذَلِكَ اقْتَصَّ أَثَرَهُ وَتَقَصَّصَ وَقَد اقْتَصَصْت الْحَدِيثَ: رَويته عَلَى وَجْهِهِ، وَقَد اقْتَصَّ عَلَيْهِ الْخَبَرَ قَصَصًا.
وَلَيْسَ الْقَصَصُ بِالْفَتْحِ جَمْعُ قِصَّةٍ كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُقَالُ
(١) رواه البخاري (٥١٤٣)، ومسلم (٢٥٦٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute