أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: ٥٣، ٥٤].
جَعَلَ اللهُ الْقُلُوبَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قَاسِيَةً، وَذَاتَ مَرَضٍ، وَمُؤمِنَةً مُخْبِتَةً.
وَذَلِكَ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ يَابِسَةً جَامِدَة لَا تَلِينُ لِلْحَقِّ اعْتِرَافًا وإذْعَانًا، أَو لَا تكونُ يَابِسَةً جَامِدَةً.
فالْأوّلُ: هُوَ الْقَاسِي، وَهُوَ الْجَامِدُ الْيَابِسُ بِمَنْزِلَةِ الْحَجَرِ لَا يَنْطَبعُ وَلَا يُكْتَبُ فِيهِ الْإِيمَانُ، وَلَا يَرْتَسِمُ فِيهِ الْعِلْمُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي مَحَلًّا لَيّنًا قَابِلًا.
والثَّانيْ: لَا يَخْلو:
أ - إمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ ثَابِتًا فِيهِ لَا يَزولُ عَنْهُ؛ لِقُوَّتِهِ مَعَ لِينِهِ.
ب- أَو يَكُونَ لِينُهُ مَعَ ضَعْفٍ وَانْحِلَالٍ.
فَالثَّاني: هُوَ الَّذِي فِيهِ مَرَضٌ، وَالْأوَّلُ هُوَ الْقَوِيُّ اللَّيِّنُ.
وَفي قَولهِ: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ يَذلُّ عَلَى الْإِيمَانِ. [١٣/ ٢٧٠ - ٢٧١]
١٥٣٢ - قَوْله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)} لِلنَّاسِ فِيهَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ؛ بَعْدَ اتفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ التَّمَنّيَ هُوَ التّلَاوَةُ وَالْقُرْآنُ كَمَا عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ مِن السَّلَفِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٧٨)} [البقرة: ٧٨]:
الْاوّلُ: أَنَّ الْإِلْقَاءَ هُوَ فِي سَمْعِ الْمُسْتَمِعِينَ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّسُولُ، وَهَذَا قَوْلُ مَن تَأوَّلَ الْآيَةَ بِمَنْعِ جَوَازِ الْإِلْقَاءِ فِي كَلَامِهِ.
والثَّانِي: -وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ السَّلَفِ وَمَنِ اتبعَهُم- أَنَّ الْإِلْقَاءَ فِي نَفْسِ التِّلَاوَةِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَسِيَاقُهَا مِن غَيْرِ وَجْهٍ، كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الْآثَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute