للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْآيَتَيْنِ فِي آخِرِ السُّورَةِ النَّوْعَ الثَّانِيَ وَهُوَ اسْتِئْذَانُ الصِّغَارِ وَالْمَمَالِيكِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} [النور: ٥٨].

فَأَمَرَ بِاسْتِئْذَانِ الصِّغَارِ وَالْمَمَالِيكِ حِينَ الِاسْتِيقَاظِ مِن النَّوْمِ وَحِينَ إرَادَةِ النَّوْمِ وَحِينَ الْقَائِلَةِ؛ فَإِنَّ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ تَبْدُو الْعَوْرَاتُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ}.

وَفي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ الْمُمَيًزَ وَالْمُمَيِّزَ مِن الصِّبْيَانِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى عَوْرة الرَّجُلِ (١)، كَمَا لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى عَوْرَةِ الصَّبِيِّ وَالْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِمَا (٢).

وَأَمَّا دُخُولُ هَؤُلَاءِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ فَهُوَ مَأخُوذ مِن قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ}.

وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الطَّوَّافِينَ يُرَخَّصُ فِيهِمْ مَا لَا يُرَخَّصُ فِي غَيْرِ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ، وَالطَّوَّافُ مَن يَدْخُلُ بِغَيْرِ إذْنٍ، كَمَا تَدْخُلُ الْهِرَّةُ، وَكَمَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ وَالْمَمْلُوكُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَوْلَى، ويُرَخَّصُ فِي طَهَارَتهِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: ٣٠] الْآيَةُ، إلَى قَوْلِهِ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣٠، ٣١] .. مَا ظَهَرَ مِن الزِّينَةِ هُوَ الثّيَابُ الظَّاهِرَةُ، فَهَذَا لَا جُنَاحَ عَلَيْهَا فِي


(١) والمرأة من باب أولى، فلا يجوز للصبيان المميزين النظر إلى عورات النساء، وكثيرًا ما تتساهل بعض الأمهات في لباسهن عند أولادهن الذكور والإناث، والذي يجوز كشفه للأولاد هو: ما جرت العادة بكشفه؛ كالوجه والرأس والكفين والذراعين والقدمين ونحو ذلك.
(٢) والصبية المميزة من باب أولى، وقد يتساهل بعض الآباء في النظر إلى عورة بناته المميزات، وخاصةً حينما يدخل عليهن وهن نائمات، فربما تنكشف عوراتهن أثناء النوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>