السُّورَةُ جَمَعَتْ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ (١). [١٧/ ١٠٣]
فَإنَّ تَقْسِيمَ الْقُرْآنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَقْسِيمٌ بِالدَّلِيلِ، فَإنَّ الْقُرْآنَ كَلَامٌ، وَالْكَلَامُ:
أ- إمَا إخبَارٌ.
ب- إِمَّا إنْشَاءٌ.
وَالْإِخبَارُ:
أ- إمَّا عَن الْخَالِقِ.
ب- وَإِمَّا عَن الْمَخْلُوقِ.
فَهَذَا تَقْسِيمٌ بَيِّنٌ. [١٧/ ١٢١]
فاسْمُهُ الْأَحَدُ دَلَّ عَلَى نَفْيِ الْمُشَارَكَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ، وَاسْمُهُ الصَّمَدُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ.
فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ إثْبَاتَ جَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنَفْيَ جَمِيعِ صِفَاتِ النَّقْصِ، فَالسُّورَةُ تَضَمَّنَتْ كُلَّ مَا يَجِبُ نَفْيُهُ عَنِ اللهِ، وَتَضَمَّنَتْ أَيْضًا كُل مَا يَجِبُ إثْبَاتُهُ.
وإذَا كَانَت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ لَمْ يَلْزَمْ مِن ذَلِكَ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِن الْفَاتِحَةِ، وَلَا أَنَّهَا يُكْتَفى بِتِلَاوَيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَن تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ؛ بَل قَد كَرِهَ السَّلَفُ أَنْ تُقْرَأَ إذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا كُتِبَتْ فِي الْمصْحَفِ، فَإنَّ الْقُرْآنَ يُقْرَأُ كَمَا كُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ.
وَالتَّكْبِيرُ الْمَأثُورُ عَن ابْنِ كَثِيرٍ لَيْسَ هُوَ مُسْنَدًا عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ولَمْ يُسْنِدْهُ أَحَدٌ إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلَّا البزي، وَخَالَفَ بِذَلِكَ سَائِرَ مَن نَقَلَهُ، فَإِنَّهُم إنَّمَا نَقَلُوة اخْتِيَارًا مِمَن هُوَ دُونَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَانْفَرَدَ هُوَ بِرَفْعِهِ، وَضَعَّفه نَقَلَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ
(١) قال في موضع آخر عن هذا القول: هُوَ الصَّوَابُ بِلَا ريبٍ. (١٧/ ١٢١)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute