للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَالِ مِن عُلَمَاءِ الْقِرَاءَةِ وَعُلَمَاءِ الْحَدِيثِ (١).

فَالْمَقْصُودُ: أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ فِي الْقُرْآنِ أَنْ يُقْرَأَ كَمَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَلَكِنْ إذَا قُرِئَتْ مُفْرَدَةً تُقْرَأُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَكْثَرَ مِن ذَلِكَ، وَمَن قَرَأَهَا فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَا يَعْدِلُ ثُلُثَ أَجْرِ الْقُرْآنِ، لَكِنَّ عَدْلَ الشَّيءِ -بِالْفَتْحِ- يَكُونُ مِن غَيْرِ جِنْسِهِ.

وَإِذَا كَانَ الشَّيءُ يَعْدِلُ غَيْرَهُ فَعَدْلُ الشَّيءِ -بِالْفَتْحِ- هُوَ مُسَاوِيهِ وَإِن كَانَ مِن غَيْرِ جِنْسِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] وَالصِّيَامُ لَيْسَ مِن جِنْسِ الطَّعَامِ وَالْجَزَاءِ، وَلَكِنَّهُ يُعَادِلُهُ فِي الْقَدْرِ، {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)} [الأنعام: ١]؛ أيْ: يَجْعَلُونَ لَهُ عَدْلًا؛ أَيْ: نِدًّا فِي الْإِلَهِيَّةِ وإِن كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ مِن جِنْسِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ.

وَلَو كَانَ لِرَجُلٍ أَمْوَالٌ مِن أَصْنَافٍ مُتَنَوِّعَةٍ، وَلآخَرَ ذَهَبٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ، لَكَانَ مَالُ هَذَا يَعْدِلُ مَالَ هَذَا وَإِن لَمْ يَكُن مِن جِنْسِهِ.

فَإِذَا قَرَأَ الْإنْسَانُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} حَصَلَ لَهُ ثَوَابٌ بِقَدْرِ ثَوَابِ ثُلُثِ الْقُرْآنِ، لَكِنْ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ مِن جِنْسِ الثَّوَابِ الْحَاصِلِ بِبَقِيَّةِ الْقُرْآنِ؛ بَل قَد يَحْتَاجُ إلَى جِنْسِ الثَّوَابِ الْحَاصِلِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْقَصَصِ، فَلَا تَسُدُّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} مَسَدَّ ذَلِكَ وَلَا تَقُومُ مَقَامَهُ. [١٧/ ١٣٧ - ١٣٨]

وَالْفَاتِحَةُ فِيهَا مِن الْمَنَافِعِ -ثنَاءٌ وَدُعَاءٌ مِمَّا يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَيْهِ- مَا لَا تَقُومُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِن كَانَ أَجْرُهَا عَظِيمًا، فَذَلِكَ الْأَجْرُ الْعَظِيمُ إنَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ صَاحِبُهُ مَعَ أَجْرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَلهَذَا لَو صَلَّى بِهَا


(١) قال ابن الجزري المتوفى (٨٣٣ هـ): اعلم أن التكبير صح عن أهل مكة قاطبة من القراء والعلماء وعمَّن روي عنهم -صحة استفاضت واشتهرت حتى بلغت حد التواتر، وصحت أيضًا عن أبي عمرو من رواية السوسي، وعن أبي جعفر من رواية العمري، وعن سائر القرّاء.
وقد صار عليه العمل في سائر الأمصار عند ختمهم في المحافل، واجتماعهم في المجالس لدى الأماثل، وكثير منهم يقوم به في صلاة رمضان، ولا يتركه عند الختم على أي حال كان. اهـ. النشر في القراءات العشر (٢/ ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>