وَعَنْهُ جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ، إنَّمَا دَخَلَ فِيهِ مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِن النِّعَمِ وَالْمَصَائِبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩].
الْوَجْهُ الثانِي: أَنَّهُ إذَا قُدِّرَ أَنَّ الْأعْمَالَ دَخَلَتْ فِي هَذَا، فَقَد قَالَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سَرَّتْة حَسَنتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيئتُهُ فَهُوَ مُؤْمِن" (١).
فَإِذَا قَضَى له بِأنْ يُحْسِنَ فَهَذَا مِمَّا يَسُرُّهُ، فَيَشْكُرُ اللهَ عَلَيْهِ.
وَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِسَيِّئَةِ: فَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ سَيِّئَةً يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، فَإِنْ تَابَ أُبْدِلَتْ بِحَسَنَةِ، فَيَشْكرُ الله عَلَيْهَا.
وَإِن لَمْ يَتُبْ اُبْتُلِيَ بِمَصَائِبَ تُكَفِّرُهَا فَصَبَرَ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ.
وَالرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يَقْضِي اللهُ لِلْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ هُوَ الَّذِي لَا يُصِرُّ عَلَى ذَنْبٍ بَل يَتوبُ مِنْهُ، فَيَكُونُ حَسَنَةً. [١٤/ ٣١٧ - ٣١٨]
١٦٣٠ - قوله: "وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الجَد" ضَمَّنَ "يَنْفَعُ" مَعْنَى "يُنْجِي وَيُخَلِّصُ" فَبَيَّنَ أَنْ جَدَّهُ لَا يُنْجِيهِ مِن الْعَذَاب؛ بَل يَسْتَحِقُّ بِذُنُوبِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَمْثَالُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ جَدُّهُ مِنْك، فَلَا يُنَجّيهِ وَلَا يُخَلِّصُهُ. [١٤/ ٣٧٧]
١٦٣١ - سَوَّغَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يُرْوَى فِي بَابِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ وَإِن كَانَ ضَعِيفَ الْإِسْنَادِ.
بِخِلَافِ بَابِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤخَذُ فِيهِ إلَّا بِمَا يَثْبُتُ أَنَّهُ صِدْقٌ. [١٥/ ١٩٣]
١٦٣٢ - الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا حُدِّثَ بِهِ عَنْهُ بَعْدَ النبوَّةِ: مِن قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَإِقْرَارِهِ؛ فَإِنَّ سُنَّتهُ ثَبَتَتْ مِن هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ. [١٨/ ٦ - ٧]
(١) صحَّحه الألباني في شرح الطحاوية (٣٩٥).