للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٦٣٣ - ثَبَتَ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَكُن أَحَدٌ مِن أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحْفَظُ مِنِّي إلَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو؛ فَإنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ بِيَدِهِ ويَعِي بِقَلْبِهِ، وَكُنْت أَعِي بِقَلْبِي وَلَا أَكْتُبُ بِيَدِي.

وَكَانَ عِنْدَ آلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص نُسْخَةٌ كَتَبَهَا عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَبِهَذَا طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَن أَبِيهِ شُعَيْبٍ عَن جَدِّهِ وَقَالُوا: هِيَ نُسْخَةٌ.

وَشُعَيْبٌ هُوَ: شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص، وَقَالُوا: عَن جَدِّهِ الْأَدْنَى محَمَّدٍ: فَهُوَ مُرْسَلٌ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِك النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، وَإِن عَنَى جَدَّهُ الْأَعْلَى فَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ فَإِنَّ شُعَيْبًا لَمْ يُدْرِكْهُ.

وَأَمَّا أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ وَجُمْهورُ الْعُلَمَاءِ فَيَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَن أَبِيهِ عَن جَدِّهِ إذَا صَحَّ النَّقْلُ إلَيْهِ؛ مِثْل مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة وَنَحْوِهِمَا، وَمِثْل الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وإسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: الْجَدُّ هُوَ عَبْدُ اللهِ؛ فَإِنَّهُ يَجِيءُ مُسَمَّى، وَمُحَمَّد أَدْرَكَهُ، قَالُوا: وَإِذَا كَانَت نُسْخَةٌ مَكْتُوبَةٌ مِن عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ هَذَا أوكَدَ لَهَا وَأَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهَا؛ وَلهَذَا كَانَ فِي نُسْخَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي فِيهَا مُقَدَّرَاتُ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ عَامَّةُ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ.

وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهَا بَعْض أَخْبَارِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْضُ سِيرَتِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، مِثْل: تَحَنُّثِهِ بِغَارِ حِرَاءٍ.

وَكُتُبُ الْحَدِيثِ هِيَ مَا كَانَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَخَصُّ، وإن كَانَ فِيهَا أُمُورٌ جَرَتْ قَبْلَ النّبوَّةِ؛ فَإِنَ تِلْكَ لَا تُذْكَرُ لِتُؤْخَذَ وَتَشْرَعَ فِعْلَهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ؛ بَل قَد أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ الْإِيمَانَ بِهِ وَالْعَمَلَ هُوَ مَا جَاءَ بِهِ بَعْدَ النبوَّةِ.

فَكُلُّ مَا قَالَهُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَأَقَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْسَخْ: فَهوَ تَشْرِيعٌ. [١٨/ ٨ - ١٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>