للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٦٣٤ - الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ يُرَادُ بِهِ مَا رَوَاهُ الصَّاحِبُ مِنَ الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَو كَانَ جُمَلًا كَثِيرَةً؛ مِثْل حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.

وَأَمَّا إذَا رَوَى الصَّاحِبُ كَلَامًا فَرَغَ مِنْهُ ثُمَّ رَوَى كَلَامًا آخَرَ وَفَصَلَ بَيْنَهُمَا، بِأنْ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَو بِأنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا فَهَذَانِ حَدِيثَانِ. [١٨/ ١٣ - ١٥]

١٦٣٥ - مِنَ "الصَّحِيحِ" مَا تَوَاتَرَ لَفْظُهُ كَقَوْلِهِ: "مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتبوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (١).

وَمِنْهُ مَا تَوَاتَرَ مَعْنَاهُ: كَأحَادِيثِ الشَفَاعَةِ وَأَحَادِيثِ الرُّؤْيَةِ وَأَحَادِيثِ الْحَوْضِ وَأَحَادِيثِ نَبْعِ الْمَاءِ مِن بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهَذَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وُيجْزَمُ بِأنَّهُ صِدْقٌ؛ لِأنَّهُ مُتَوَاتِرٌ إمَّا لَفْظًا وإِمَّا مَعْنًى.

وَمِنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَا تَلَقَّاهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْقَبُولِ فَعَمِلُوا بِهِ، كَمَا عَمِلُوا بِحَدِيثِ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ، وَكَمَا عَمِلُوا بِأحَادِيثِ الشُّفْعَةِ، وَأَحَادِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا يُفِيدُ الْعِلْمَ ويُجْزَمُ بِاَنَّهُ صِدْقٌ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا وَعَمَلًا بِمُوجِبِهِ، وَالْأُمَّةُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ؛ فَلَو كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذِبًا لَكَانَتِ الْأُمَّةُ قَد اتَّفَقَتْ عَلَى تَصْدِيقِ الْكَذِبِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا.

وَمِنَ الصَّحِيحِ مَا تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ؛ كَجُمْهُورِ أَحَادِيثِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَجْزِمُونَ بِصِحَّةِ جُمْهُورِ أَحَادِيثِ الْكِتَابَيْنِ، وَسَائِرُ النَّاسِ تَبَعٌ لَهُم فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ؛ فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صِدْقٌ كَإجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حَلَالٌ أَو حَرَامٌ أَو وَاجِبٌ.


(١) البخارى (١٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>