للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَن قَالَ: يُعْمَلُ بِهَا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ إنَّمَا الْعَمَلُ بِهَا الْعَمَلُ بِمَا فِيهَا مِن الْأعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِثْل التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَالِاجْتِنَابِ لِمَا كُرِهَ فِيهَا مِن الْأَعْمَالِ السَّيِّئةِ.

وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (١) عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَو آيةً، وَحَدِّثُوا عَن بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ" مَعَ قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إذَا حَدَّثَكُم أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدَّقُوهُم وَلَا تُكَذِّبُوهُم" (٢)؛ فَإِنَّهُ رَخَّصَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُم وَمَعَ هَذَا نَهَى عَن تَصْدِيقِهِمْ وَتَكْذِيبِهِم فَلَو لَمْ يَكُن فِي التَّحْدِيثِ الْمُطْلَقِ عَنْهُم فَائِدَةٌ لِمَا رَخَّصَ فِيهِ وَأَمَرَ بِهِ وَلَو جَازَ تَصْدِيقُهُم بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ لَمَا نَهَى عَن تَصْدِيقِهِمْ؛ فَالنُفُوسُ تَنْتَفِعُ بِمَا تَظُنُّ صِدْقَهُ فِي مَوَاضِعَ.

فَإذَا تَضَمَّنَتْ أَحَادِيثُ الْفَضَائِلِ الضَّعِيفَةِ تَقْدِيرًا وَتَحْدِيدًا مِثْل صَلَاةٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّن بِقِرَاءَةِ مُعَيَّنَة أَو عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَ هَذَا الْوَصْفِ الْمُعَيَّنَ لَمْ يَثْبُتْ بِدَلِيل شَرْعِيٍّ بِخِلَافِ مَا لَو رُوِيَ فِيهِ: مَن دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ كَانَ لَهُ كَذَا وَكَذَا فَإنَّ ذِكْرَ اللهِ فِي السُّوقِ مُسْتَحَبٌ لِمَا فِيهِ مِن ذِكْرِ اللهِ بَيْنَ الْغَافِلِينَ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ: "ذَاكِرُ اللهِ فِي الْغَافِلِينَ كَالشَّجَرَةِ الْخَضْرَاءِ بَيْنَ الشَّجَرِ الْيَابِسِ" (٣)؛ فَأمَّا تَقْدِيرُ الثَّوَاب الْمَرْوِيِّ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ ثُبُوتُهُ وَلَا عَدَمُ ثُبُوتِهِ وَفي مِثْلِهِ جَاءَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الَتِّرْمِذِيُّ: "مَن بَلَغَهُ عَن اللهِ شَيْءٌ فِيهِ فَضْلٌ فَعَمِلَ بِهِ رَجَاءَ ذَلِكَ الْفَضْلِ أَعْطَاهُ اللهُ ذَلِكَ وإن لَمْ يَكُن ذَلِكَ كَذَلِكَ" (٤).

فَالْحَاصِلُ: أَنَّ هَذَا الْبَابَ يُرْوَى وَيُعْمَلُ بِهِ فِي "التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ" لَا فِي


(١) (٣٤٦١).
(٢) رواه أبو داود (٣٦٤٤)، وضعَّفه الألباني.
(٣) ضعَّفه الألباني في ضعيف الترغيب (١٠٥١).
(٤) قال ابن الجوزي في الموضوعات (٣/ ٤٠٢): موضوع، وقال الذهبي في ترتيب الموضوعات (٢٧٣): فيه إسماعيل بن يحيى -ساقط وعطية- هالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>